فلم يمد المشركين ، ولم يمدّ المسلمين بالخمسة. وأخرج ابن جرير عن الشعبي : لما كان يوم بدر بلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم ذكر نحوه ، إلا أنه قال : (وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا) يعني : كرزا وأصحابه : (يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ) فبلغ كرزا وأصحابه الهزيمة ، فلم يمدهم ، ولم ينزل الخمسة ، وأمدّوا بعد ذلك بألف فهم أربعة آلاف. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن قتادة في الآية قال : أمدّوا بألف ، ثم صاروا ثلاثة آلاف ، ثم صاروا خمسة آلاف ، وذلك يوم بدر. وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله : (بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا) الآية ، قال : هذا يوم أحد ، فلم يصبروا ، ولم يتقوا ، فلم يمدّوا يوم أحد ، ولو أمدّوا لم ينهزموا يومئذ. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن الضحاك نحوه. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم. عن ابن عباس في قوله : (وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا) يقول : من سفرهم هذا. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن عكرمة من فورهم قال : من وجههم. وأخرج ابن جرير عن الحسن والربيع وقتادة والسدّي مثله ، وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد من فورهم قال : من غضبهم. وأخرجا عن أبي صالح مولى أم هانئ مثله. وأخرج الطبراني ، وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس. قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم في قوله : (مُسَوِّمِينَ) قال : معلمين ، وكانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم سوداء ، ويوم أحد عمائم حمراء. وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن عبد الله بن الزبير : أن الزبير كان عليه يوم بدر عمامة صفراء معتجرا بها ، فنزلت الملائكة عليهم عمائم صفر. وأخرج ابن إسحاق ، والطبراني عن ابن عباس قال : كانت سيما الملائكة يوم بدر : عمائم بيضاء ، قد أرسلوها في ظهورهم ، ويوم حنين : عمائم حمراء ، ولم تضرب الملائكة في يوم سوى يوم بدر ، وكانوا يكونون عددا ومددا لا يضربون. وفي بيان التسويم عن السلف اختلاف كثير لا يتعلق به كثير فائدة. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) قال : قطع الله يوم بدر طرفا من الكفار ، وقتل صناديدهم ورؤوسهم وقادتهم في الشرّ. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم في قوله : (لِيَقْطَعَ طَرَفاً) قال : هذا يوم بدر ، قطع الله طائفة منهم ، وبقيت طائفة. وأخرج ابن جرير عن السدّي قال : ذكر الله قتلى المشركين بأحد ، وكانوا ثمانية عشر رجلا فقال : (لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ثم ذكر الله الشهداء فقال : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً) (١). وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : (أَوْ يَكْبِتَهُمْ) قال : يحزنهم. وأخرج ابن جرير عن قتادة والربيع مثله. وأخرج البخاري ، ومسلم وغيرهما عن أنس : أن النبي صلىاللهعليهوسلم كسرت رباعيته يوم أحد ، وشج في وجهه حتى سال الدم ، فقال : كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيّهم وهو يدعوهم إلى ربّهم؟ فأنزل الله : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) الآية. وقد روي هذا المعنى في روايات كثيرة. وأخرج البخاري ، ومسلم ، وغيرهما عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم أحد : «اللهمّ العن أبا سفيان ، اللهمّ العن الحارث بن هشام ، اللهمّ العن سهيل بن عمرو ، اللهمّ العن صفوان بن أمية ، فنزلت هذه الآية : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ)». وأخرج البخاري ، ومسلم ، وغيرهما أيضا من حديث أبي هريرة : أن رسول الله
__________________
(١). آل عمران : ١٦٩.