قال : صلاة العتمة هم يصلونها ، ومن سواهم من أهل الكتاب لا يصلونها. وأخرج أحمد ، والنسائي ، والبزار ، وأبو يعلى ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني. قال السيوطي بسند حسن عن ابن مسعود قال : «أخّر رسول الله صلىاللهعليهوسلم صلاة العشاء ليلة ، ثمّ خرج إلى المسجد فإذا النّاس ينتظرون الصّلاة ، فقال : أما إنّه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه السّاعة غيركم» ولفظ ابن جرير والطبراني فقال : إنه لا يصلي هذه الصلاة أحد من أهل الكتاب. قال : وأنزلت هذه الآية : (لَيْسُوا سَواءً) وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن منصور. قال : بلغني أنها نزلت هذه الآية : (يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ) فيما بين المغرب والعشاء. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة : (فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) قال : لن يضل عنكم. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن : (فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) قال : لن تظلموه. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن السدي في الآية يقول : (مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ) أي : المشركون ، ولا يتقبل منهم ، كمثل هذا الزرع إذا زرعه القوم الظالمون فأصابه ريح فيها صرّ فأهلكته ، فكذلك أنفقوا فأهلكهم شركهم. وأخرج سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس : (فِيها صِرٌّ) قال : برد شديد.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (١١٨) ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١١٩) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (١٢٠))
البطانة : مصدر ، يسمى به الواحد والجمع ، وبطانة الرجل : خاصته الذين يستبطنون أمره ، وأصله : البطن الذي هو خلاف الظهر ، وبطن فلان بفلان ، يبطن بطونا وبطانة : إذا كان خاصا به ، ومنه قول الشاعر :
وهم خلصائي (١) كلّهم وبطانتي |
|
وهم عيبتي من دون كلّ قريب |
قوله : (مِنْ دُونِكُمْ) أي : من سواكم ، قاله الفراء ، أي : من دون المسلمين ، وهم الكفار ، أي : بطانة كائنة من دونكم ، ويجوز أن يتعلق بقوله : (لا تَتَّخِذُوا) وقوله : (لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً) : في محل نصب صفة لبطانة ، يقال : لا آلوك جهدا : أي لا أقصر. قال امرؤ القيس :
وما المرء ما دامت حشاشة نفسه |
|
بمدرك أطراف الخطوب ولا آل |
__________________
(١). في القرطبي (٤ / ١٧٨) : أولئك خلصائي نعم وبطانتي ...