(ما كانَ لِبَشَرٍ) الآية». وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : بلغني أن رجلا قال : يا رسول الله! نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض أفلا نسجد لك؟ قال : «لا ، ولكن أكرموا نبيّكم ، واعرفوا الحقّ لأهله ، فإنّه لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله ، فأنزل الله : (ما كانَ لِبَشَرٍ) الآية». وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (رَبَّانِيِّينَ) قال : فقهاء ، علماء. وأخرج ابن أبي حاتم عنه قال : حكماء ، علماء ، حلماء. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عنه قال : علماء ، فقهاء. وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود قال : حكماء ، علماء. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي رزين في قوله : (وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) قال : مذاكرة الفقه. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن ابن جريج في قوله : (وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا) قال : ولا يأمرهم النبيّ.
(وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٨١) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٨٢))
قد اختلف في تفسير قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) فقال سعيد بن جبير ، وقتادة ، وطاوس ، والحسن ، والسدّي : إنه أخذ الله ميثاق الأنبياء أن يصدّق بعضهم بعضا بالإيمان ، ويأمر بعضهم بعضا بذلك ، فهذا معنى النصرة له والإيمان به ، وهو ظاهر الآية ، فحاصله : أن الله أخذ ميثاق الأول من الأنبياء أن يؤمن بما جاء به الآخر وينصره ، وقال الكسائي : يجوز أن يكون معنى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) بمعنى : وإذ أخذ الله ميثاق الذين مع النبيين ، ويؤيده قراءة ابن مسعود : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) وقيل : في الكلام حذف. والمعنى : وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لتعلمن الناس لما جاءكم من كتاب وحكمة ، ولتأخذن على الناس أن يؤمنوا ، ودلّ على هذا الحذف قوله : (وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي) وما في قوله : (لَما آتَيْتُكُمْ) بمعنى الذي. قال سيبويه : سألت الخليل عن قوله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ) فقال ما بمعني الذي. قال النحاس : التقدير في قول الخليل : الذي آتيتكموه ، ثم حذفت الهاء لطول الاسم ، واللام لام الابتداء ، بهذا قال الأخفش ، وتكون : ما ، في محل رفع على الابتداء ، وخبرها : من كتاب وحكمة. وقوله : (ثُمَّ جاءَكُمْ) وما بعده جملة معطوفة على الصلة ، والعائد محذوف ، أي : مصدّق به. وقال المبرد والزجاج والكسائي : ما شرطية دخلت عليها لام التحقيق ، كما تدخل على إن ، و (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ) جواب القسم الذي هو أخذ الميثاق ، إذ هو بمنزلة الاستحلاف كما تقول : أخذت ميثاقك لتفعلنّ كذا ، وهو سادّ مسدّ الجزاء. وقال الكسائي : إن الجزاء قوله : (فَمَنْ تَوَلَّى). وقال في الكشاف : إن اللام في قوله : (لَما آتَيْتُكُمْ) لام التوطئة واللام في قوله : (لَتُؤْمِنُنَ) جواب القسم ، وما : يحتمل أن تكون المتضمنة لمعنى الشرط ، ولتؤمنن سادّ جواب القسم والشرط جميعا ، وأن تكون موصولة بمعنى : للذي آتيتكموه لتؤمنن به. انتهى وقرأ حمزة : (لَما آتَيْتُكُمْ)