بأنّا مسلمون». وأخرج الطبراني عن ابن عباس أن كتاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الكفار (تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ) الآية. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن جريج قال : بلغني أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم دعا يهود المدينة إلى ما في هذه الآية فأبوا عليه ، فجاهدهم حتى أقرّوا بالجزية. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن النبي صلىاللهعليهوسلم دعا يهود أهل المدينة إلى الكلمة السواء. وأخرج ابن جرير عن الربيع نحوه. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن قتادة : (إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ) قال : عدل. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن الربيع مثله. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن ابن جريج في قوله : (وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً) قال : لا يطيع بعضنا بعضا في معصية الله ، ويقال : إن تلك الربوبية أن يطيع الناس سادتهم وقادتهم في غير عبادة وإن لم يصلوا لهم. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : (وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً) قال : سجود بعضهم لبعض.
(يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٥) ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٦٦) ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (٦٨))
لما ادّعت كل واحدة من طائفتي اليهود والنصارى أن إبراهيم عليهالسلام كان على دينهم ؛ ردّ الله سبحانه ذلك عليهم ، وأبان بأنّ الملة اليهودية والملة النصرانية إنما كانتا من بعده. قال الزجاج : هذه الآية أبين حجة على اليهود والنصارى أن التوراة والإنجيل نزلا من بعده ، وليس فيهما اسم لواحد من الأديان واسم الإسلام في كل كتاب. انتهى ، وفيه نظر ، فإن الإنجيل مشحون بالآيات من التوراة ، وذكر شريعة موسى والاحتجاج بها على اليهود ، وكذلك الزبور فيه في مواضع ذكر شريعة موسى ، وفي أوائله التبشير بعيسى ، ثم في التوراة ذكر كثير من الشرائع المتقدّمة ، يعرف هذا كل من عرف هذه الكتب المنزلة. وقد اختلف في قدر المدّة التي بين إبراهيم وموسى ، والمدّة التي بين موسى وعيسى. قال القرطبي : يقال : كان بين إبراهيم وموسى ألف سنة ، وبين موسى وعيسى ألفا سنة. وكذا في الكشاف. قوله : (أَفَلا تَعْقِلُونَ) أي : تتفكرون في دحوض حجتكم وبطلان قولكم. قوله : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) الأصل في ها أنتم : أأنتم ، أبدلت الهمزة الأولى هاء ، لأنها أختها ، كذا قال أبو عمرو بن العلاء ، والأخفش. قال النحاس : وهذا قول حسن. وقرأ قنبل : هأنتم وقيل : الهاء للتنبيه دخلت على الجملة التي بعدها ، أي : ها أنتم هؤلاء الرجال الحمقى حاججتم ، وفي هؤلاء لغتان : المدّ والقصر. والمراد بما لهم به علم : هو ما كان في التوراة وإن خالفوا مقتضاه وجادلوا فيه بالباطل ، والذي لا علم لهم به هو زعمهم أن إبراهيم كان على دينهم لجهلهم بالزمن الذي كان فيه. وفي الآية دليل على منع الجدال بالباطل ، بل ورد الترغيب في ترك الجدال من المحقّ كما في حديث «من ترك المراء ولو محقّا فأنا ضمينه على الله ببيت في ربض الجنّة». وقد ورد تسويغ الجدال بالتي هي