مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ) الآية. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله : (نَصِيباً) قال : حظا (مِنَ الْكِتابِ) قال : التوراة. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : (قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) قال : يعنون الأيام التي خلق الله فيها آدم. وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر عن قتادة في قوله : (وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) حين قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ) يعني توفّى كل نفس برّ أو فاجر (ما كَسَبَتْ) ما عملت من خير أو شرّ (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) يعني : من أعمالهم.
(قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٦) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٢٧))
قوله : (قُلِ اللهُمَ). قال الخليل وسيبويه وجميع البصريين : إن أصل اللهم يا الله ، فلما استعملت الكلمة دون حرف النداء الذي هو «يا» ؛ جعلوا بدله هذه الميم المشددة ، فجاؤوا بحرفين وهما الميمان عوضا من حرفين وهما الياء والألف ؛ والضمة في الهاء : هي ضمة الاسم المنادى المفرد. وذهب الفراء والكوفيون : إلى أن الأصل في اللهم يا الله أمنا بخير ، فحذف وخلط الكلمتين ؛ والضمة التي في الهاء : هي الضمة التي كانت في أمنا ، لما حذفت الهمزة انتقلت الحركة. قال النحاس : هذا عند الكوفيين من الخطأ العظيم ، والقول في هذا : ما قاله الخليل وسيبويه. وقال الكوفيون : وقد يدخل حرف النداء على اللهمّ ، وأنشدوا في ذلك قول الراجز :
غفرت أو عذّبت يا اللهمّا
وقول الآخر :
وما عليك أن تقولي كلّما |
|
سبّحت أو هلّلت يا اللهمّ ما |
وقول الآخر :
إنّي إذا ما حدث ألمّا |
|
أقول يا اللهمّ يا اللهمّا |
قالوا : ولو كان الميم عوضا من حرف النداء لما اجتمعا. قال الزجاج : هذا شاذ لا يعرف قائله. قال النضر بن شميل : من قال : اللهم ، فقد دعا الله بجميع أسمائه. قوله : (مالِكَ الْمُلْكِ) أي : مالك جنس الملك على الإطلاق ، ومالك : منصوب عند سيبويه على أنه نداء ثان ، أي : يا مالك الملك ، ولا يجوز عنده أن يكون وصفا لقوله : (اللهُمَ) لأن الميم عنده تمنع الوصفية. وقال محمد بن يزيد المبرد ، وإبراهيم بن السري الزجاج : إنه صفة لاسم الله تعالى ، وكذلك قوله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (١). قال أبو علي الفارسي : وهو مذهب المبرد ، وما قاله سيبويه أصوب وأبين ، وذلك لأنه اسم مفرد ضم إليه
__________________
(١). الزمر : ٤٦.