إسماعيل. وقوله : (ابْعَثْ لَنا مَلِكاً) أي : أميرا نرجع إليه ونعمل على رأيه. وقوله : (نُقاتِلْ) بالنون والجزم على جواب الأمر ، وبه قرأ الجمهور. وقرأ الضحاك ، وابن أبي عبلة : بالياء ورفع الفعل ، على أنه صفة للملك. وقرئ : بالنون والرفع ، على أنه حال أو كلام مستأنف. وقوله : (هَلْ عَسَيْتُمْ) بالفتح للسين وبالكسر لغتان ، وبالثانية قرأ نافع ، وبالأولى قرأ الباقون. قال في الكشاف : وقراءة الكسر ضعيفة. وقال أبو حاتم : ليس للكسر وجه. انتهى. وقال أبو علي : وجه الكسر قول العرب ، هو عس بذلك ، مثل حر وشج ، وقد جاء فعل وفعل في نحو نقم ونقم ، فكذلك عسيت وعسيت ، وكذا قال مكي. وقد قرأ بالكسر أيضا الحسن وطلحة ، فلا وجه لتضعيف ذلك ، وهو من أفعال المقاربة ، أي : هل قاربتم ألا تقاتلوا ، وإدخال حرف الاستفهام على فعل المقاربة لتقرير ما هو متوقع عنده ، والإشعار بأنه كائن ، وفصل بين عسى وخبرها بالشرط للدلالة على الاعتناء به. قال الزجاج : أن لا تقاتلوا في موضع نصب : أي : هل عسيتم مقاتلة. قال الأخفش : «أن» في قوله : (وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ) زائدة. وقال الفراء : هو محمول على المعنى ، أي : وما منعنا؟ كما تقول : ا لك ألا تصلي؟ وقيل : المعنى ، وأي شيء لنا في أن لا نقاتل. قال النحاس : وهذا أجودها. وقوله : (وَقَدْ أُخْرِجْنا) تعليل ، والجملة حالية ، وإفراد الأولاد بالذكر لأنهم الذين وقع عليهم السبي ، أو لأنهم بمكان فوق مكان سائر القرابة (فَلَمَّا كُتِبَ) أي : فرض ، أخبر سبحانه أنهم تولوا لاضطراب نياتهم وفتور عزائمهم. واختلف في عدد القليل الذين استثناهم الله سبحانه ، وهم الذين اكتفوا بالغرفة. وقوله : (وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ) شروع في تفصيل ما جرى بينهم وبين نبيهم من الأقوال والأفعال. وطالوت : اسم أعجمي ، وكان سقاء ؛ وقيل : مكاريا ، ولم يكن من سبط النبوة ، وهم بنو لاوي ، ولا من سبط الملك ، وهم بنو يهوذا ، فلذلك : (قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا) أي : كيف ذلك؟ ولم يكن من بيت الملك ، ولا هو ممن أوتي سعة من المال حتى نتبعه لشرفه أو لماله ، وهذه الجملة ، أعني قوله : (وَنَحْنُ أَحَقُ) حالية ، وكذلك الجملة المعطوفة عليها. وقوله : (اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ) أي : اختاره الله هو الحجة القاطعة. ثم بين لهم مع ذلك وجه الاصطفاء : بأن الله زاده بسطة في العلم ، الذي هو ملاك الإنسان ، ورأس الفضائل ، وأعظم وجوه الترجيح ، وزاده بسطة في الجسم الذي يظهر به الأثر في الحروب ونحوها ، فكان قويا في دينه وبدنه ، وذلك هو المعتبر ، لا شرف النسب. فإن فضائل النفس مقدّمة عليه : (وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ) فالملك ملكه ، والعبيد عبيده ، فما لكم والاعتراض على شيء ليس هو لكم ولا أمره إليكم؟ وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن قوله : (وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ) من قول نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم ؛ وقيل : هو من قول نبيهم وهو الظاهر. وقوله : (واسِعٌ) أي : واسع الفضل ، يوسع على من يشاء من عباده (عَلِيمٌ) بمن يستحق الملك ، ويصلح له. والتابوت : فعلوت من التوب وهو الرجوع لأنهم يرجعون إليه ، أي : علامة ملكه إتيان التابوت الذي أخذ منهم ، أي : رجوعه إليكم وهو صندوق التوراة. والسكينة فعيلة ، مأخوذة من السكون والوقار والطمأنينة ، أي : فيه سبب سكون قلوبكم فيما اختلفتم فيه من أمر طالوت. قال ابن عطية : الصحيح أن التابوت كانت فيه أشياء فاضلة من بقايا الأنبياء وآثارهم ، فكانت النفوس