كل شيء فيه قمار من نرد أو شطرنج أو غيرهما فهو الميسر ، حتى لعب الصبيان بالجوز والكعاب ، إلا ما أبيح من الرهان في الخيل والقرعة في إفراز الحقوق. وقال مالك : الميسر ميسران : ميسر اللهو ، وميسر القمار ، فمن ميسر اللهو : النرد والشطرنج والملاهي كلها ، وميسر القمار : ما يتخاطر الناس عليه ، وكل ما قومر به فهو ميسر ، وسيأتي البحث مطوّلا في هذا في سورة المائدة عند وقوله : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ). قوله : (قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ) يعني : الخمر والميسر ، فإثم الخمر : أي : إثم تعاطيها ، ينشأ من فساد عقل مستعملها ، فيصدر عنه ما يصدر عن فاسد العقل من المخاصمة والمشاتمة ، وقول الفحش والزور ، وتعطيل الصلوات ، وسائر ما يجب عليه. وأما إثم الميسر : أي : إثم تعاطيه ، فما ينشأ عن ذلك من الفقر وذهاب المال في غير طائل ، والعداوة وإيحاش الصدور. وأما منافع الخمر : فربح التجارة فيها ؛ وقيل : ما يصدر عنها من الطرب والنشاط وقوّة القلب وثبات الجنان ، وإصلاح المعدة ، وقوّة الباءة وقد أشار شعراء العرب إلى شيء من ذلك قال :
فإذا شربت فإنّني |
|
ربّ الخورنق والسّدير |
وإذا صحوت فإنّني |
|
ربّ الشّويهة والبعير |
وقال آخر :
ونشربها فتتركنا ملوكا |
|
وأسدا ما ينهنهنا اللّقاء |
وقال من أشار إلى ما فيها من المفاسد والمصالح :
رأيت الخمر صالحة وفيها |
|
خصال تفسد الرّجل الحليما |
فلا ـ والله ـ أشربها صحيحا |
|
ولا أشفى بها أبدا سقيما |
ولا أعطي بها ثمنا حياتي |
|
ولا أدعو لها أبدا نديما |
ومنافع الميسر : مصير الشيء إلى الإنسان بغير تعب ولا كدّ ، وما يحصل من السرور والأريحية عند أن يصير له منها سهم صالح. وسهام الميسر أحد عشر ، منها سبعة لها فروض على عدد ما فيها من الحظوظ. الأول : الفذّ ، بفتح الفاء بعدها معجمة ، وفيه علامة واحدة ، وله نصيب ، وعليه نصيب. الثاني : التّوأم ، بفتح المثناة الفوقية وسكون الواو وفتح الهمزة ، وفيه علامتان ، وله وعليه نصيبان. الثالث : الرقيب ، وفيه ثلاث علامات ، وله وعليه ثلاثة أنصباء. الرابع : الحلس بمهملتين ، الأولى مكسورة واللام ساكنة ، وفيه أربع علامات ، وله وعليه أربعة أنصباء. الخامس : النّافر ، بالنون والفاء والمهملة ، ويقال : النّافس ، بالسين المهملة مكان الراء ، وفيه خمس علامات ، وله وعليه خمسة أنصباء. السادس : المسبل ، بضم الميم ، وسكون المهملة ، وفتح الباء الموحدة ، وفيه ست علامات ، وله وعليه ستة أنصباء. السابع. المعلّى ، بضم الميم ، وفتح المهملة ، وتشديد اللام المفتوحة ، وفيه سبع علامات ، وله وعليه سبعة أنصباء ، وهو أكثر السهام حظا ، وأعلاها قدرا ، فجملة ذلك ثمانية وعشرون فردا. والجزور تجعل ثمانية وعشرين جزءا ، هكذا قال الأصمعي ،