الزرع ، وعقر الحمر ، فأنزل الله : (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ) الآية. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ) قال هو شديد الخصومة. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ) قال عمل في الأرض ، (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ) قال : نبات الأرض. (وَالنَّسْلَ) نسل كل شيء من الحيوان والناس والدواب. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن مجاهد أيضا أنه سئل عن قوله : (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ) قال : يلي في الأرض فيعمل فيها بالعدوان والظلم ، فيحبس الله بذلك القطر من السماء ، فتهلك بحبس القطر الحرث والنسل والله لا يحبّ الفساد. ثم قرأ مجاهد (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) (١) الآية. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه سئل عن قوله : (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ) قال : الحرث : الزرع ، والنسل : نسل كل دابة. وأخرج ابن المنذر ، والطبراني ، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : «إن من أكبر الذنوب عند الله أن يقول الرجل لأخيه : اتق الله ، فيقول : عليك بنفسك أنت تأمرني؟». وأخرج ابن المنذر ، والبيهقي في الشعب ، عن سفيان قال : قال رجل لمالك بن مغول : اتق الله ، فسقط فوضع خدّه على الأرض تواضعا لله. وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : (وَلَبِئْسَ الْمِهادُ) قال : بئس المنزل. وأخرجا عن مجاهد قال : بئس ما شهدوا لأنفسهم. وأخرج ابن مردويه عن صهيب قال : لما أردت الهجرة من مكة إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم قالت لي قريش : يا صهيب قدمت إلينا ولا مال لك ، وتخرج أنت ومالك ، والله لا يكون ذلك أبدا ، فقلت لهم : أرأيتم إن دفعت إليكم ما لي تخلّون عني؟ قالوا : نعم ، فدفعت إليهم مالي ؛ فخلوا عني ، فخرجت حتى قدمت المدينة ، فبلغ ذلك النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «ربح البيع صهيب» مرتين. وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو نعيم في الحلية ، وابن عساكر عن سعيد بن المسيب نحوه. وأخرج الطبراني والحاكم ، والبيهقي في الدلائل ، عن صهيب نحوه. وأخرج ابن المنذر ، والحاكم وصحّحه عن أنس قال : نزلت في خروج صهيب إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم. وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : هم المهاجرون والأنصار.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٠٨) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٠٩) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٢١٠))
لما ذكر الله سبحانه أن الناس ينقسمون إلى ثلاث طوائف : مؤمنين ، وكافرين ، ومنافقين ، أمرهم بعد ذلك بالكون على ملّة واحدة. وإنما أطلق على الثلاث الطوائف لفظ الإيمان ، لأن أهل الكتاب مؤمنون بنبيهم وكتابهم ، والمنافق مؤمن بلسانه وإن كان غير مؤمن بقلبه. والسلم بفتح السين وكسرها قال الكسائي : ومعناهما واحد ، وكذا عند البصريين ، وهما جميعا يقعان للإسلام والمسالمة. وقال أبو عمرو بن العلاء : إنه بالفتح
__________________
(١). الروم : ٤١.