فإن تسألوني بالنّساء فإنّني |
|
بصير بأدواء النّساء طبيب |
وقد أخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله : (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ) قال : أشربوا حبّه حتى خلص ذلك إلى قلوبهم. وأخرج ابن جرير عن أبي العالية أن اليهود لما قالوا : (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) الآية ، نزل قوله تعالى : (قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ) الآية. وأخرج ابن جرير مثله عن قتادة. وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس أن قوله : (خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ) يعني المؤمنين (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ) فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن كنتم في مقالتكم صادقين فقولوا : اللهم أمتنا ، فو الذي نفسي بيده ؛ لا يقولها رجل منكم ؛ إلا غصّ بريقه ؛ فمات مكانه». وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ) أي : ادعوا بالموت على أيّ الفريقين أكذب ، فأبوا ذلك ، ولو تمنوه يوم قال ذلك ؛ ما بقي على الأرض يهوديّ إلا مات. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وأبو نعيم عنه قال : «لو تمنّى اليهود الموت لماتوا». وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه نحوهن. وأخرج البخاري وغيره من حديثه مرفوعا : «لو أن اليهود تمنّوا الموت لماتوا ولرأوا مقاعدهم من النار». أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصحّحه عنه في قوله : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ) قال : اليهود (مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) قال : وذلك أن المشركين لا يرجون بعثا بعد الموت ، فهو يحبّ طول الحياة ، وأن اليهودي قد عرف ما له من الخزي بما ضيّع ما عنده من العلم. (وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ) قال : بمنحيه. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والحاكم عنه في قوله : (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ) قال : هو قول الأعاجم إذا عطس أحدهم : «زه هزار سال» يعني : عش ألف سنة.
(قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٩٧) مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ (٩٨))
هذه الآية قد أجمع المفسرون على أنها نزلت في اليهود. قال ابن جرير الطبري : وأجمع أهل التأويل جميعا أن هذه الآية نزلت جوابا على اليهود إذ زعموا أن جبريل عدو لهم ، وأن ميكائيل وليّ لهم. ثم اختلفوا ما كان سبب قولهم ذلك؟ فقال بعضهم : إنما كان سبب قيلهم ذلك ، من أجل مناظرة جرت بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوسلم من أمر نبوّته ، ثم ذكر روايات في ذلك ستأتي آخر البحث إن شاء الله. والضمير في قوله : (فَإِنَّهُ) يحتمل وجهين : الأول أن يكون لله ، ويكون الضمير في قوله : (نَزَّلَهُ) لجبريل ، أي : فإن الله سبحانه نزل جبريل على قلبك ، وفيه ضعف كما يفيده قوله : (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ). الثاني أنه لجبريل ، والضمير في «نزّله» للقرآن ، أي : فإن جبريل نزّل القرآن على قلبك ، وخصّ القلب بالذكر لأنه موضع العقل والعلم. وقوله : (بِإِذْنِ اللهِ) أي : بعلمه وإرادته وتيسيره وتسهيله. و (لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) هو التوراة كما سلف ، أو جميع الكتب المنزلة ، وفي هذا دليل على شرف جبريل وارتفاع منزلته ، وأنه لا وجه لمعاداة اليهود له ، حيث