بالماء ثم يشربونه. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان المنّ ينزل عليهم بالليل على الأشجار فيغدون إليه فيأكلون منه ما شاؤوا ـ والسلوى طائر يشبه السمّانى كانوا يأكلون منه ما شاؤوا. وأخرج ابن جرير عنه نحوه. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في السلوى مثله. وقد روي نحو ذلك عن جماعة من التابعين ومن بعدهم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَما ظَلَمُونا) قال نحن أعزّ من أن نظلم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) قال : يضرّون.
(وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩))
قال جمهور المفسرين : القرية : هي بيت المقدس ؛ وقيل : إنها أريحاء قرية من قرى بيت المقدس ؛ وقيل : من قرى الشام. وقوله : (فَكُلُوا) أمر إباحة ـ و (رَغَداً) كثيرا واسعا ، وهو نعت لمصدر محذوف : أي أكلا رغدا ، ويجوز أن يكون في موضع الحال ، وقد تقدم تفسيره. والباب الذي أمروا بدخوله : هو باب في بيت المقدس يعرف اليوم بباب حطّة ؛ وقيل هو باب القبة التي كان يصلّي إليها موسى وبنو إسرائيل. والسجود : قد تقدم تفسيره وقيل : هو هنا الانحناء ؛ وقيل : التواضع والخضوع ، واستدلوا على ذلك بأنه لو كان المراد السجود الحقيقي الذي هو وضع الجبهة على الأرض لامتنع الدخول المأمور به ، لأنه لا يمكن الدخول حال السجود الحقيقي. وقال في الكشاف : إنهم أمروا بالسجود عند الانتهاء إلى الباب شكرا لله وتواضعا. واعترضه أبو حيان في النهر المادّ فقال : لم يؤمروا بالسجود ، بل هو قيد في وقوع المأمور به وهو الدخول ، والأحوال نسب تقييدية ، والأوامر نسب إسنادية. انتهى. ويجاب عنه بأن الأمر بالمقيد أمر بالقيد ، فمن قال اخرج مسرعا فهو آمر بالخروج على هذه الهيئة ، فلو خرج غير مسرع كان عند أهل اللسان مخالفا للأمر. ولا ينافي هذا كون الأحوال نسبا تقييدية ، فإن اتصافها بكونها قيودا مأمورا بها هو شيء زائد على مجرد التقييد. وقوله : (حِطَّةٌ) بالرفع في قراءة الجمهور على إضمار مبتدأ ، قال الأخفش : وقرئت (حِطَّةٌ) نصبا على معنى احطط عنا ذنوبنا حطة ؛ وقيل : معناها الاستغفار ، ومنه قول الشاعر :
فاز بالحطّة التي جعل الله |
|
بها ذنب عبده مغفورا |
وقال ابن فارس في المجمل : (حِطَّةٌ) كلمة أمروا بها ولو قالوها لحطّت أوزارهم. قال الرازي في تفسيره : أمرهم بأن يقولوا ما يدل على التوبة ، وذلك لأن التوبة صفة القلب فلا يطلع الغير عليها ، وإذا اشتهر وأخذ بالذنب ثم تاب بعده لزمه أن يحكي توبته لمن شاهد منه الذنب ، لأن التوبة لا تتمّ إلا به. انتهى ، وكون التوبة لا تتم إلا بذلك لا دليل عليه ، بل مجرد عقد القلب عليها يكفي سواء اطلع الناس على ذنبه أم لا ، وربما