بالحق ، وقيل : الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وتكون «ما» بمعنى «من» ، ويكون الاستفهام بها عن ذوات المخاطبين ، أى : فمن ذا الذي يكذبك ـ أيها الرسول الكريم ـ ويكذب بيوم الدين والجزاء ، بعد أن ظهرت الدلائل على صدقك ...؟
إن كل عاقل يجب عليه أن يصدقك ولا يكذبك ، ولا يعرض عنك.
والاستفهام في قوله ـ تعالى ـ : (أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ) للتقرير : إذ الجملة الكريمة تحقيق لما ذكر من خلق الإنسان في أحسن تقويم ، ثم رده إلى أسفل سافلين.
فكأنه ـ تعالى ـ يقول : إن الذي فعل ذلك كله هو أحكم الحاكمين خلقا وإيجادا. وصنعا وتدبيرا ، وقضاء وتقديرا ، فيجب على كل عاقل أن يخلص له العبادة والطاعة ، وأن يتبع رسوله صلىاللهعليهوسلم في كل ما جاء به من عند ربه ـ عزوجل ـ.
وقد روى الإمام الترمذي عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
«من قرأ منكم (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ...) ثم انتهى إلى قوله ـ تعالى ـ (أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ) فليقل : بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين» (١).
نسأل الله ـ تعالى ـ أن يجعلنا جميعا من عباده الصالحين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
__________________
(١) راجع تفسير ابن كثير ج ٧ ص ٤٥٧.