قال صاحب الكشاف : قوله : (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) استضلال لهم ، كما يقال لتارك الجادة اعتسافا أو ذهابا في بنيات الطريق ـ أى : في الطريق المتشعبة عن الطريق الأصلى ـ أين تذهب؟ مثلت حالهم في تركهم الحق وعدولهم عنه إلى الباطل (١).
(إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) أى : ما هذا القرآن الكريم ، إلا تذكير وإرشاد وهدايات للبشر جميعا.
وهذا الذكر العظيم إنما هو (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) أى : هو نافع لمن شاء منكم ـ أيها الناس ـ أن يستقيم على طريق الحق ، وأن يلزم الرشاد ويترك الضلال.
والجملة الكريمة بدل مما قبلها ، للإشعار بأن الذين استجابوا لهدى القرآن قد شاءوا لأنفسهم الهداية والاستقامة.
فالمقصود بهذه الجملة : الثناء عليهم ، والتنويه بشأنهم.
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة ، ببيان أن مشيئته ـ تعالى ـ هي النافذة ، فقال : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ).
أى : وما تشاءون الاستقامة أو غيرها ، إلا إذا شاءها وأرادها الله ـ تعالى ـ رب العالمين ، إذ مشيئة الله ـ تعالى ـ هي النافذة ، أما مشيئتكم فلا وزن لها إلا إذا أذنت بها مشيئته ـ تعالى ـ.
فالمقصود من الآية الكريمة بيان أن كل مشيئة لا قيمة لها ولا وزن .. إلا إذا أيدتها مشيئة الله ـ عزوجل ـ.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٤ ص ٧١٣.