والظاهر أن الذكر هو القرآن ، والرسول هو محمد صلىاللهعليهوسلم ورسولا منصوب بمقدر ، أى : وأرسل رسولا .. (١).
ثم بين ـ سبحانه ـ حسن عاقبة المؤمنين الصادقين فقال : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ) إيمانا حقا (وَيَعْمَلْ) عملا (صالِحاً يُدْخِلْهُ) ـ سبحانه ـ بفضله وإحسانه (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ، خالِدِينَ فِيها أَبَداً) خلودا أبديا ..
وقوله : (قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) حال من الضمير المنصوب في قوله (يُدْخِلْهُ) ، والجمع في الضمائر باعتبار معنى (مِنَ) كما أن الأفراد في الضمائر الثلاثة باعتبار لفظها : والرزق : كل ما ينتفع به الإنسان ، وتنكيره للتعظيم.
أى : قد وسع الله ـ تعالى ـ لهذا المؤمن الصادق في إيمانه رزقه في الجنة ، وأعطاه من الخير والنعيم ، ما يشرح صدره ، ويدخل السرور على نفسه. ويصلح باله ..
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة بما يدل على كمال قدرته ، وسعة علمه فقال : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ..).
أى : الله ـ تعالى ـ وحده هو الذي خلق سبع سماوات طباقا وخلق من الأرض مثلهن ، أى : في العدد فهي سبع كالسماوات.
والتعدد قد يكون باعتبار أصول الطبقات الطينية والصخرية والمائية والمعدنية ، وغير ذلك من الاعتبارات التي لا يعلمها إلا الله ـ تعالى ـ.
قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية يقول ـ تعالى ـ مخبرا عن قدرته التامة ، وسلطانه العظيم ، ليكون ذلك باعثا على تعظيم ما شرع من الدين القويم : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ) كقوله ـ تعالى ـ إخبارا عن نوح أنه قال لقومه : (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ...) وقال ـ تعالى ـ (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَ).
وقوله : (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) أى : سبعا ـ أيضا ـ كما ثبت في الصحيحين : «من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه مع سبع أرضين».
وفي صحيح البخاري : «خسف به إلى سبع أرضين ...» ومن حمل ذلك على سبعة أقاليم ، فقد أبعد النجعة ، وأغرق في النزع ، وخالف القرآن والحديث بلا مستند .. (٢).
__________________
(١) راجع تفسير الآلوسى ج ٢٨ ص ١٤١.
(٢) راجع تفسير ابن كثير ج ٨ ص ١٨٢.