والألباب جمع لب ، وهو العقل السليم الذي يرشد صاحبه إلى الخير والبر.
وقوله (الَّذِينَ آمَنُوا) منصوب بإضمار أعنى على سبيل البيان للمنادى ، أو عطف بيان له.
والمراد بالذكر : القرآن الكريم ، وقد سمى بذلك في آيات كثيرة منها قوله ـ تعالى ـ : (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ ...) أى : فيه شرفكم وعزكم ، وفيه ما يذكركم بالحق ، وينهاكم عن الباطل.
أى : فاتقوا الله ـ تعالى ـ يا أصحاب العقول السليمة ، ويا من آمنتم بالله ـ تعالى ـ حق الإيمان ، فهو ـ سبحانه ـ الذي أنزل عليكم القرآن الكريم ، الذي فيه ما يذكركم عما غفلتم عنه من عقيدة سليمة ، ومن أخلاق كريمة ، ومن آداب قويمة ..
وفي ندائهم بوصف «أولى الألباب» إشعار بأن العقول الراجحة هي التي تدعو أصحابها إلى تقوى الله وطاعته ، وإلى كل كمال في الطباع والسلوك.
والمراد بالرسول في قوله ـ تعالى ـ : (رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ) محمد صلىاللهعليهوسلم وللمفسرين جملة من الأقوال في إعرابه ، فمنهم من يرى أنه منصوب بفعل مقدر ، ومنهم من يرى أنه بدل من ذكرا ... (١).
والمعنى : فاتقوا الله ـ أيها المؤمنون ـ فقد أنزلنا إليكم قرآنا فيه ما يذكركم بخير الدنيا والآخرة ... وأرسلنا إليكم رسولا هو عبدنا محمد صلىاللهعليهوسلم لكي يتلو عليكم آياتنا تلاوة تدبر وفهم ، يعقبهما تنفيذ ما اشتملت عليه هذه الآيات من أحكام وآداب وهدايات ..
ولكي يخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من ظلمات الشرك الذي كانوا واقعين فيه ، إلى نور الإيمان الذي صاروا إليه.
ومنهم من فسر الذكر بالرسول صلىاللهعليهوسلم ..
قال الآلوسى ما ملخصه : وقوله : (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً) هو النبي صلىاللهعليهوسلم وعبر عنه بالذكر ، لمواظبته على تلاوة القرآن الذي هو ذكر ...
وقوله ـ تعالى ـ (رَسُولاً) بدل من (ذِكْراً) ، وعبر عن إرساله بالإنزال ، لأن الإرسال مسبب عنه ..
__________________
(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٤ ص ٣٦١.