وقال مقاتل : لما ذكر ـ سبحانه ـ قوله : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ...).
قال خلاد بن النعمان : يا رسول الله فما عدة التي لم تحض ، وما عدة التي انقطع حيضها ، وعدة الحبلى ، فنزلت هذه الآية .. (١).
وجملة : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ ...) معطوفة على قوله ـ تعالى ـ قبل ذلك : (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ...) لبيان أحكام أخرى تتعلق بعدة نوع آخر من النساء بعد بيان عدة النساء ذوات الأقراء.
والمراد باللائى يئسن من المحيض : النساء اللائي تقدمن في السن ، وانقطع عنهن دم الحيض.
وقوله : (يَئِسْنَ) من اليأس ، وهو فقدان الأمل من الحصول على الشيء.
والمراد بالمحيض : دم الحيض الذي يلفظه رحم المرأة في وقت معين ، وفي حال معينة ...
وقوله : (إِنِ ارْتَبْتُمْ) من الريبة بمعنى الشك.
قوله : (وَاللَّائِي) اسم موصول مبتدأ ، وقوله (يَئِسْنَ) صلته ، وجملة الشرط والجزاء وهي قوله : (إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ) خبره.
والمعنى : لقد بينت لكم ـ أيها المؤمنون ـ عدة النساء المعتدات بالمحيض ، أما النساء المتقدمات في السن واللائي فقدن الأمل في رؤية دم الحيض ، فعليكم إن ارتبتم ، وشككتم في عدتهن أو جهلتموها ، أن تقدروها بثلاثة أشهر.
هذا ، وقد قدر بعضهم سن اليأس بالنسبة للمرأة بستين سنة ، وبعضهم قدره بخمس وخمسين سنة.
وبعضهم لم يحدده بسن معينة ، بل قال : إن هذا السن يختلف باختلاف الذوات والإفطار والبيئات .. كاختلاف سن ابتداء الحيض.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) معطوف على قوله : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ) وهو مبتدأ وخبره محذوف لدلالة ما قبله عليه.
والتقدير : واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ، إن ارتبتم في عدتهن ، فعدتهن ثلاثة أشهر ، واللاتي لم يحضن بعد لصغرهن ، وعدم بلوغهن سن المحيض .. فعدتهن ـ أيضا ـ ثلاثة أشهر.
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١٨ ص ١٦٢.