كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (٣٠) وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٣١) وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٣٢) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣٣) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (٣٤) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٥) فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (٣٦)
قال الجمل في حاشيته : قوله ـ تعالى ـ : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) قال ابن عباس : يريد أولياءه وأهل طاعته. والتوبة واجبة من كل ذنب ، فإن كان معصية بين العبد وربه فلها ثلاثة شروط : الإقلاع عن المعصية ، والندم على فعلها ، والعزم على عدم العودة إليها.
وإن كانت المعصية تتعلق بحق آدمي ، أضيف إلى ذلك : أن يبرأ من حق صاحبها .. (١) والمعنى : وهو ـ سبحانه ـ وحده الذي يقبل التوبة من عباده التائبين إليه ، شفقة عليهم ، ورحمة بهم ، بأن يكفر سيئاتهم ، ولا يعاقبهم عليها.
والقبول يعدى بعن ، لتضمنه معنى الإبانة والقطع ، ويعدى بمن لتضمنه معنى الأخذ كما في قوله ـ تعالى ـ : (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ).
وعدى بعن هنا للإشارة إلى تجاوزه سبحانه عن خطايا عباده.
وقوله ـ تعالى ـ (وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) تأكيد لما قبله وتقرير له أى : أنه عزوجل يقبل التوبة من عباده التائبين ، وفضلا عن ذلك ، يعفو عن سيئاتهم ، ويسترها عليهم ، بل
__________________
(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٤ ص ٦٣.