(إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ
أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ) أي : آثرتم تمثال الشيطان على مشاهدة الرحمن.
وأيضا جهلتم
صنع الخالق من صنع المخلوق.
وقيل : فيه عجل
كل إنسان نفسه ، فمن أسقطه وخالف مراده هواه ، فقد بري من ظلمه.
(فَتُوبُوا إِلى
بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) أي : فارجعوا عن رؤية مواهبه إلى معرفة نفسه ، واقتلوا
أنفسكم بسيوف همومكم ؛ حتى لا يزاحمكم في قربه بربكم.
وأيضا توبوا من
رؤية توبتكم عليكم ، واقتلوا أنفسكم بمعرفتكم برؤية توبة ربكم عليها ، حتى توصّلكم
معرفتها ومخالفتها إلى معرفة ربكم.
«التوبة» هاهنا
: محو أصول الخيال عند مبادئ المكاشفات ، وقتل النفس عند وجدان المشاهدات ، قربانا
من البريّات لصفات الأزليّات.
وأيضا فاقتلوا
أنفسكم بالمجاهدات بعد معرفة النفوس بعين النكرة على حقيقة المعرفة ، حتى توصّلكم
إلى عين الجمع ، وصرف الاتّحاد بلا رسومات البشرية.
وقيل : فاقتلوا
أنفسكم في طاعته ، ثم توبوا إليه من أفعالكم وأقوالكم وطاعتكم.
قال ابن منصور
: «التوبة» : محو البشرية بإثبات الإلهية ، وقتل النفس عمّا دون الله تعالى ، وعن
الله حتى ترجع إلى أصل القديم ، ويبقى الحق كما لم يزل.
وقيل : إذا كان
أول قدم في العبودية التوبة ، وهو إتلاف النفس وقتلها ، بترك الشهوات وقطعها عن
الملاذ ، فكيف الوصول إلى شيء من منازل الصدّيقين ، وفي أول قدم منها ، تلف المهج.
وقيل : توبوا
إلى بارئكم أي : ارجعوا إليه بأسراركم وقلوبكم ، واقتلوا أنفسكم بالتبري منها ؛
فإنها لا تصلح لبساط الأنس.
وقال ابن منصور
: ما شرع الحقّ إليه طريقا ؛ إلا وأوائله التلف.
(وَإِذْ قالَ مُوسى
لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ
فَتُوبُوا
__________________