يغفر الله ما سبق منهم بإيوائهم إلى قربه ، فإنه مولاهم وصاحبهم لا غير .
وذلك قوله : (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا
اللهُ) وأيضا فيها إشارة إلى عشاق الله الذين استغرقوا في بحار
العشق والشوق ، واحترقوا بلوائح نيران الكبرياء ، وبغتة سطوات العظمة ، فيطلبون
روح الأنس بالاستراحة في مشاهدة المستحسنات ، ويرتادون مشاهدة عروس القدم في مقام
الالتباس ، وعين الجمع الذي فيه رؤية الحق في مرآة الخلق ، وذلك الالتباس فاحشة
منهم ؛ لأنه في طلب القدم مع رؤية الحدث ، وليس لهذا الشرط تجريد حقيقة العشق ،
وإذا كانوا محترقين بنيران التوحيد والتفريد في رؤية الأزل والأبد والقدم والبقاء
يطلبون النزول من مقام التوحيد إلى مقام العشق ، وهذا ظلم منهم علي أنفسهم ؛ لأنهم
نقصوا حظ التوحيد بفرارهم من الفناء في التوحيد إلى بقائهم في العشق ، وقوله : (ذَكَرُوا اللهَ) أي : إذا كانوا مدركين أنفسهم في مقام المكر والاستدراج
، وفقدانهم أسرار مقام الفناء ودرجاته ، يفزعون بالكلية إلى كلية الحق ، جلّ عن
الخواطر والضمائر ؛ لأنّ قوله تعالى : (ذَكَرُوا اللهَ) لم يقل ذكروا اسمه أو نعته أو صفته منه أو فعلا منه بل (ذَكَرُوا اللهَ) أي : فنوا في الفرار منه إليه في صرف الألوهية برؤية
الذات والصفات ، يدركهم الحق بانكشاف ما استأثر من نفسه لنفسه ، أو لأهل دنو دنوه
الذين بقوا في الفناء وفنوا في البقاء ، لهم خاصية واصطفائية ، وأيضا فيها إشارة
إلى أصحاب المواجيد والوقائع والمكاشفات الذين عادتهم السلوك في المعاملات من
الطاعات والرياضات ، فإذا ورد عليهم وارد وتضييق وقت وظائفهم ، يرجعون إلى أداء
الورد ، وهذا سوء أدب.
كما سئل
الجريري في ذلك قال : هذا سوء أدب ، وهذا فاحشة منهم النزول من الربوبية إلى
المعبودية ، والظلم تركهم مقام الوصال ، واختيارهم وسائط الأحوال ، ذكروا الله بعد
تغير
__________________