قال : كتاب الله ، كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ، هو الذي من تركه من جبّار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضلّه الله ، فهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم ، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق عن كثرة الردّ ولا تنقضي عجائبه ، وهو الذي لم ينته الجنّ إذ سمعته أن قالوا : إنّا سمعنا قرآناً عجباً ، هو الذي من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به أُجر ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم»(١).
وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «هو الذي من تركه من جبّار قصمه الله» فيه دلالة على أنّ ترك العمل بالقرآن الكريم وأحكامه يكون فيه هلاك الجبّارين. وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة» يعني أنّ الأهواء لا تستطيع أن تغيّر معاني القرآن وألفاظه ، فالقرآن هو الفصل والحكم العدل بين الحقِّ والباطل.
وقريبٌ منه قول أمير المؤمنين عليهالسلام في صفة القرآن : «ثمّ أنزل عليه الكتاب نوراً لا تطفأ مصابيحه ، وسراجاً لا يخبو توقّده ، وبحراً لا يدرك قعره ، ومنهاجاً لا يضلّ نهجه ، وشعاعاً لا يظلم ضوؤه ، وفرقاناً لا يخمد برهانه ، وتبياناً(٢) لا تهدم أركانه ، وشفاءً لا تخشى أسقامه ، وعزّاً لا تهزم أنصاره ، وحقّاً لا تخذل أعوانه ؛ فهو معدن الإيمان وبحبوحته ، وينابيع
__________________
(١) سنن الدارمي ـ كتاب فضائل القرآن ٢/٤٣٥. وبحار الأنوار ٩/٧ عن تفسير العيّاشي. رواه الحارث الهمداني وهو من أعاظم أصحاب أمير المؤمنينعليهالسلاموأفقههم.
(٢) في (بحار الانوار) : وبنياناً.