وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى : ١١] ، فقوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) رد على الممثلة. وقوله تعالى : (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) رد على المعطلة ـ انتهى ملخصا ـ.
قال رضي الله عنه (في جواب على سؤال رفع إليه نصه : الاستواء هل هو حقيقة أو مجاز؟) : ما نصه ملخصا :
القول في الاستواء والنزول كالقول في سائر الصفات التي وصف بها نفسه في كتابه ، وعلى لسان رسوله صلىاللهعليهوسلم ، فإن الله تعالى سمى نفسه بأسماء ، ووصف نفسه بصفات ، فالقول في بعض هذه الصفات ، كالقول في بعض. ومذهب سلف الأمة وأئمتها أن نصف الله تعالى بما وصف به نفسه ، وبما وصفه به رسوله صلىاللهعليهوسلم من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ، فلا يجوز نفي صفات الله تعالى التي وصف بها نفسه ، ولا يجوز تمثيلها بصفات المخلوقين. ومعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أنه لا يجوز إطلاق النفي على ما أثبته الله تعالى لنفسه من الأسماء الحسنى والصفات ، بل هذا جحد للخالق ، وتمثيل له بالمعدومات. وقد قال ابن عبد البر : أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها ، وحملها على الحقيقة لا على المجاز ، لأنهم لا ينفون شيئا من ذلك ، ولا يجدون فيه صفة محصورة. وأما أهل البدع من الجهمية والمعتزلة والخوارج ، فينكرونها ولا يحملونها على الحقيقة ، ويزعمون أن من أقرّ بها مشبه ، وهم عند من أقرّ بها ، نافون للمعبود ، لا مثبتون. والحق فيما قاله القائلون ، مما نطق به الكتاب والسنة ، وهم أئمة الجماعة. هذا الذي حكاه ابن عبد البر.
ومن أنكر أن يكون شيء من هذه الأسماء والصفات حقيقة ، فإنما أنكر ، لجهله لمسمى الحقيقة ، أو لكفره وتعطيله لما يستحقه رب العالمين. وذلك أنه قد يظن أن إطلاق ذلك يقتضي أن يكون المخلوق مماثلا للخالق ، فيقال له : هذا باطل ، فإن الله موجود حقيقة ، والعبد موجود حقيقة ، وله تعالى ذات حقيقة ، والعبد له ذات حقيقة ، وليس ذاته تعالى كذات المخلوقات ، وكذلك له علم وسمع وبصر حقيقة ، وللعبد سمع وبصر وعلم حقيقة ، وليس علمه وسمعه وبصره مثل علم العبد وسمعه وبصره. ولله كلام حقيقة ، وليس كلام الخالق مثل كلام المخلوقين. والله استوى على عرشه حقيقة ، وللعبد استواء على الفلك حقيقة ، وليس استواء الخالق كاستواء المخلوق. فإن الله لا يفتقر إلى شيء ، ولا يحتاج إلى شيء ، بل هو الغني عن كل شيء ، والله تعالى يحمل العرش وحملته ، بقدرته و (يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ