وقرأ ابن كثير من تحتها الأنهار كما هو في سائر المواضع.
(خالِدِينَ فِيها أَبَداً) لتخليدهم هذا الدين بإقامة دلائله ، وتأسيس قواعده ، إلى يوم القيامة ، والعمل بمقتضاه ، واختيار الباقي على الفاني (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) أي الذي لا فوز وراءه.
تنبيهات :
الأول ـ قال في (الإكليل) : في هذه الآية تفضيل السابق إلى الإسلام والهجرة ، وأن السابقين من الصحابة أفضل ممن تلاهم.
الثاني ـ قيل : المراد ب (السابقين الأولين) جميع المهاجرين والأنصار ، ف (من) بيانية لتقدمهم على من عداهم. وقيل : بعضهم ـ وهم قدماء الصحابة ـ و (من) تبعيضية. وقد اختار كثيرون الثاني ، واختلفوا في تعيينهم على ما ذكرناه أولا ، ورأى آخرون الأول. روي عن حميد بن زياد قال : قلت يوما لمحمد بن كعب القرظي : ألا تخبرني عن الصحابة فيما كان بينهم؟ وأردت الفتن ـ فقال لي : إن الله تعالى قد غفر لجميعهم ، وأوجب لهم الجنة في كتابه ، محسنهم ومسيئهم. قلت له : وفي أي موضع أوجب لهم الجنة؟ فقال : سبحان الله! ألا تقرأ قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ ...) الآية فأوجب للجميع الجنة والرضوان ، وشرط على تابعيهم أن يقتدوا بهم في أعمالهم الحسنة وألا يقولوا فيهم إلا حسنا لا سوءا. أي لقوله تعالى : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ ..) الآية [الحشر : ١٠].
الثالث ـ قال الشهاب : تقديم المهاجرين لفضلهم على الأنصار كما ذكر في قصة السقيفة (١) ، ومنه علم فضل أبي بكر رضي الله عنه على من عداه ، لأنه أول من هاجر معه صلىاللهعليهوسلم.
وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ) (١٠١)
(وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ) يعني حول بلدتكم ، وهي المدينة (مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ
__________________
(١) أخرجه البخاري في : الحدود ، ٣١ ـ باب رجم الحبلى من الزنى إذا أحصنت حديث رقم ١٢١٤.