باب الشرور ، فإن الاستعداد الخيريّ لا يقبل الشر ، ولا يتأثر به ، ولا ينطبع فيه ، لمنافاته إياه ، وبعده عنه. انتهى.
لطائف :
الأولى ـ في قوله تعالى : (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ) أبلغ أسلوب في الرد عليهم ، فإنه صدقهم في كونه أذنا ، إلا أنه فسره بما هو مدح له ، وثناء عليه.
قال الناصر : لا شيء أبلغ من الردّ عليهم بهذا الوجه ، لأنه ، في الأول ، إطماع لهم بالموافقة ، ثم كرّ على طمعهم بالحسم ، وأعقبهم في تنقصه باليأس منه. ويضاهي هذا ، من مستعملات الفقهاء ، القول بالموجب ، لأن في أوله إطماعا للخصم بالتسليم ، ثم بتّا للطمع على قرب ، ولا شيء أقطع من الإطماع ثم اليأس يتلوه ويعقبه. والله الموفق.
الثانية ـ (اللام) في قوله تعالى : (لِلْمُؤْمِنِينَ) مزيدة للتفرقة بين الإيمان المشهور ، وهو الاعتراف ، وبين الإيمان بمعنى التسليم والتصديق ـ قاله أبو السعود تبعا للقاضي ـ
قال الشهاب : يعني أن الإيمان بالله بمعنى الاعتراف والتصديق ، يتعدى بالباء ، فلذا قال (بالله) والإيمان للمؤمنين بمعنى جعلهم في أمان من التكذيب بتصديقه لهم ، لما علم من خلوصهم ، متعد بنفسه ، فاللام فيه مزيدة للتقوية.
الثالثة ـ قال أبو السعود : إسناد الإيمان إليهم بصيغة الفعل ، بعد نسبته إلى المؤمنين بصيغة الفاعل المنبئة عن الرسوخ والاستمرار ـ للإيذان بأن إيمانهم أمر حادث ما له من قرار.
وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ) أي بما نقل عنهم من قولهم (هُوَ أُذُنٌ) ونحوه (لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي بما يجترءون عليه من إيذائه.
قال أبو السعود : وهذا اعتراض مسوق من قبله عزوجل على نهج الوعيد ، غير تحت الخطاب. وإيراده صلىاللهعليهوسلم بعنوان الرسالة مضافا إلى الاسم الجليل ، لغاية التعظيم ، والتنبيه على أن أذيته راجعة إلى جنابه عزوجل ، موجبة لكمال السخط والغضب. انتهى.
وقوله تعالى :