تنبيهات :
الأول ـ ظاهر الآية يقضي بالقسمة بين الثمانية الأصناف ويؤيد هذا وجهان :
الأول ـ ما يقتضيه اللفظ اللغوي ، إن قلنا : الواو للجمع والتشريك.
والثاني ـ ما رواه أبو داود في سننه من قوله صلىاللهعليهوسلم : إن الله لم يرض بحكم نبيّ ولا غيره في الصدقات ، حتى حكم فيها ، فجزأها ثمانية أجزاء .. الحديث.
وقد ذهب ، إلى هذا ، الشافعي وعكرمة والزهري ، إلا إن استغنى أحدها فتدفع إلى الآخرين ، بلا خلاف.
وذهبت طوائف إلى جواز الصرف في صنف واحد منهم عمر وابن عباس وحذيفة وعطاء وابن جبير والحسن ومالك وأبو حنيفة ، والهادي والقاسم وأسباطهما ، وزيد. قال في (التهذيب) : وخرجوا عن الظاهر في دلالة الآية المذكورة والخبر ، بوجوه :
الأول ـ أن الله تعالى قال في سورة البقرة (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة : ٢٧١] فدل على أن ذكر العدد هنا لبيان جنس من يستحقها. الثاني ـ الخبر وهو قوله صلىاللهعليهوسلم (١) لمعاذ : أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وتردّ في فقرائهم.
الثالث ـ حديث سلمة بن صخر. فإنه عليه الصلاة والسلام جعل له صدقة بني زريق.
الرابع ـ أنه لم يظهر في ذلك خلاف من جهة الصحابة فجرى كالمجمع عليه.
الخامس ـ المعارضة للفظ بالمعنى. فإن المقصود سدّ الخلة. وقال صاحب (النهاية) : وهذا أقرب إلى المعنى ، والأول أقرب إلى اللفظ ، ويؤيد أنها مستحقة بالمعنى لا بالاسم ، أنا لو قلنا تستحق بالاسم لزم أن من كان فقيرا غازيا غارما مسافرا ، أن يستحق سهاما لهذه الأسباب جميعا ـ كذا في تفسير بعض الزيدية ـ.
وقال الناصر في (الانتصاف) : القول بوجوب صرفها إلى جميع الأصناف ، حتى لا يجوز ترك صنف واحد منها أخذا من إشعار (اللام) بالتمليك ، كما ذهب إليه
__________________
(١) أخرجه البخاري : في : الزكاة ، ١ ـ باب وجوب الزكاة ، حديث ٧٤٠ عن ابن عباس.