ثم ذكر تعالى من نفك ذمته في الديون بقوله : (وَالْغارِمِينَ).
وهم الذين ركبتهم الديون لأنفسهم في غير معصية ، ولم يجدوا وفاء. أو لإصلاح ذات البين ولو أغنياء.
ثم ذكر تعالى الإعانة على الجهاد بقوله : (وَفِي سَبِيلِ اللهِ).
فيصرف على المتطوعة في الجهاد ، ويشتري لهم الكراع والسلاح. قال الرازي : لا يوجب قوله (وَفِي سَبِيلِ اللهِ) القصر على الغزاة ، ولذا نقل القفّال في (تفسيره) عن بعض الفقهاء جواز صرف الصدقات إلى جميع وجوه الخير من تكفين الموتى ، وبناء الحصون ، وعمارة المساجد ، لأن قوله (وَفِي سَبِيلِ اللهِ) عامّ في الكل. انتهى.
ولذا ذهب الحسن وأحمد وإسحاق إلى أن الحج من (سَبِيلِ اللهِ) فيصرف للحجاج منه. قال في (الإقناع) و (شرحه) : والحج من (سبيل الله) نصا ، روي عن ابن عباس وابن عمر. لما روى أبو داود (١) ، أن رجلا جعل ناقة في سبيل الله. فأرادت امرأته الحج ، فقال لها النبيّ صلىاللهعليهوسلم : اركبيها ، فإن الحج من (سبيل الله). فيأخذ ، إن كان فقيرا ، من الزكاة ما يؤدي به فرض حج أو عمرة ، أو يستعين به فيه ، وكذا في نافلتهما. لأن كلا من (سبيل الله) انتهى.
قال ابن الأثير : و (سبيل الله) عام ، يقع على كل عمل خالص سلك به طريق التقرب إلى الله عزوجل ، بأداء الفرائض والنوافل ، وأنواع التطوعات ، وإذا أطلق فهو في الغالب واقع على الجهاد ، حتى صار لكثرة الاستعمال كأنه مقصور عليه. انتهى.
وقال في (التاج) : كل سبيل أريد به الله عزوجل ، وهو برّ ، داخل في (سبيل الله).
ثم ذكر تعالى الإعانة لأبناء الطريق بقوله :
(وَابْنِ السَّبِيلِ) فيعطي المجتاز في بلد ما يستعين به على بلوغه لبلده.
وقوله تعالى : (فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) ناصبه مقدّر ، أي فرض الله ذلك فريضة ، وقوله (وَاللهُ عَلِيمٌ) أي بأحوال الناس ومراتب استحقاقهم. وقول : (حَكِيمٌ) أي لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة من الأمور الحسنة التي منها سوق الحقوق إلى مستحقيها.
__________________
(١) أخرجه أبو داود في : المناسك ، ٧٩ ـ باب العمرة ، حديث رقم ١٩٨٩ ، عن أم معقل.