تدل على الدوام والثبوت. وإن الجعل لم يتطرق لها لأنها في نفسها عالية لا يتبدل شأنها ولا يتغير حالها. وفي إضافة (الكلمة) إلى (الله) إعلاء لمكانها ، وتنويه لشأنها (وَاللهُ عَزِيزٌ) أي غالب على ما أراد (حَكِيمٌ) في حكمه وتدبيره.
تنبيه :
قال بعض مفسري الزيدية : استدل على عظيم محل أبي بكر من هذه الآية من وجوه : منها : قوله تعالى : (إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ) ، وقوله (إِنَّ اللهَ مَعَنا) ، وقوله : (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ) قيل : على أبي بكر. عن أبي علي والأصم. قال أبو علي : لأنه الخائف المحتاج إلى الأمن ، وقيل : على الرسول ، عن الزجاج وأبي مسلم. قال جار الله : وقد قالوا : من أنكر صحبة أبي بكر فقد كفر ، لأنه رد كتاب الله تعالى. انتهى.
وقال السيوطي في (الإكليل) : أخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال : أنا ، والله! صاحبه. فمن هنا قالت المالكية : من أنكر صحبة أبي بكر كفر وقتل ، بخلاف غيره من الصحابة ، لنص القرآن على صحبته ـ انتهى ـ.
وعن ابن عمر (١) أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لأبي بكر : أنت صاحبي على الحوض ، وصاحبي في الغار ـ أخرجه الترمذي وقال : حديث حسن غريب ـ.
وقد ساق الفخر الرازي اثني عشر وجها من هذه الآية على فضل الصديق رضي الله تعالى عنه ، فأطال وأطاب.
ولما توعد تعالى من لا ينفر مع الرسول لتبوك ، وضرب له من الأمثال ما فيه أعظم مزدجر ، أتبعه بهذا الأمر الجزم ؛ فقال سبحانه :
القول في تأويل قوله تعالى :
(انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٤١)
(انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً) حالان من ضمير المخاطبين ، أي على أي حال كنتم خفافا في النفور لنشاطكم له ، وثقالا عنه ، لمشقته عليكم. أو خفافا لقلة عيالكم
__________________
(١) أخرجه الترمذي في : المناقب ، ١٦ ـ باب في مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، كليهما ، حدثنا يوسف بن القطان البغداديّ.