الثالث ـ شمل نفي الموالاة عن الذين لم يهاجروا وقتئذ ، حرمانهم من المغانم والفيء. روى الإمام أحمد (١) عن بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا بعث أميرا على سرّية أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرا. وقال : اغزوا بسم الله في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله. إذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال ، فأيتها ما أجابوك إليها فاقبل منهم ، وكفّ عنهم ادعهم إلى الإسلام ، فإن أجابوك فاقبل منهم ، وكفّ عنهم. ثم ادعهم من التحول من دارهم إلى دار المهاجرين ، وأعلمهم إن فعلوا ذلك ، أن لهم ما للمهاجرين ، وأن عليهم ما على المهاجرين ، فإن أبوا واختاروا دارهم ، فأعلمهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين ، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ، ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب ، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين ، فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية ، فإن أجابوا فاقبل منهم ، وكفّ عنهم ، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم.
قال ابن كثير : انفرد به مسلم (٢) ، وعنده زيادات أخر.
الرابع ـ قرأ حمزة (ولايتهم) بكسر الواو ، والباقون بفتحها.
قال الشهاب : جاء في اللغة : (الولاية) مصدرا بالفتح والكسر ، فقيل : هما لغتان فيه بمعنى واحد ، وهو القرب الحسي والمعنوي ، وقيل : بينهما فرق ، فالفتح ولاية مولى النسب ونحوه. والكسر ولاية السلطان. قاله أبو عبيدة. وقيل الفتح من النصرة والنسب. والكسر من الإمارة. قاله الزجاج. وخطأ الأصمعيّ قراءة الكسر ، وهو المخطئ لتواترها. واختلفوا في ترجيح إحدى القراءتين. ولما قال المحققون من أهل اللغة : إن (فعالة) بالكسر في الأسماء لما يحيط بشيء ، ويجعل فيه كاللفافة والعمامة. وفي المصادر يكون في الصناعات وما يزاول بالأعمال ، كالكتابة والخياطة ـ ذهب الزجاج وتبعه غيره إلى أن الولاية لاحتياجها إلى تمرن وتدرب شبهت بالصناعة ، لذا جاء فيها الكسر ، كالإمارة. وهذا يحتمل أن الواضع حين وضعها شبهها بذلك ، فتكون حقيقة ويحتمل ـ كما في بعض شروح الكشاف ـ أن تكون استعارة ، كما سموا الطب صناعة. انتهى.
__________________
(١) أخرجه في المسند ٥ / ٣٥٨.
(٢) أخرجه في : الجهاد والسير ، حديث رقم ٣.