وقال عديّ بن حاتم :
أعاذل ما يدريك أن منيتي |
|
إلى ساعة في اليوم أو في ضحى الغد |
ويؤيده أن (يشعركم) و (يدريكم) بمعنى. وكثيرا ما تأتي (لعل) بعد فعل الدراية. نحو (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) [عبس : ٣]. وفي مصحف أبيّ (وما أدراك لعلها إذا جاءتهم لا يؤمنون).
ومنها ـ جعل أن بمعنى هل.
ومنها ـ جعل الكلام جواب قسم محذوف بناء على أن (إن) في جواب القسم يجوز فتحها. والذي ارتضاه الزمخشريّ وتبعه المحققون حمل الكلام على ظاهره ، وأن الاستفهام في معنى النفي ، والإخبار بعدم العلم لا إنكار عليهم. والمعنى : وما يدريكم أن الآية التي يقترحونها إذا جاءت لا يؤمنون بها. يعني : أنا أعلم أنها إذا جاءت لا يؤمنون بها ، وأنتم لا تدرون ذلك.
قال في (الانتصاف) : لما جاءت الآية تفهم ، ببادئ الرأي ، أن الله تعالى علم الإيمان منهم ، وأنكر على المؤمنين نفيهم له ، والواقع على خلاف ذلك. اختلف العلماء (وساق نحو ما قدمنا في الوجوه) ثم قال : وأما الزمخشري فتفطن لبقاء الآية على ظاهرها وقرارها في نصابها ، من غير حذف ولا تأويل. فقال قوله السالف. ونحن نوضح اطراده في المثال المتقدم ، ليتضح بوجهيه في الآية ، فنقول : إذا حرمت زيدا لعلمك بعدم مكافأته ، فأشير عليك بالإكرام بناء على أن المشير يظن المكافأة ، فلك معه حالتان : حالة تنكر عليه ادعاء العلم بما يعلم خلافه ، وحالة تعذره في عدم العلم بما أحطت به علما. فإن أنكرت عليه قلت : وما يدريك أنه يكافئ؟ وإن عذرته في عدم علمه بأنه لا يكافئ قلت : وما يدريك أنه لا يكافئ؟ يعني : ومن أين تعلم أنت ما علمته أنا من عدم مكافأته ، وأنت لا تخبر أمره خبري. فكذلك الآية إنما ورد فيها الكلام إقامة عذر للمؤمنين في عدم علمهم بالمغيب في علم الله تعالى ، وهو عدم إيمان هؤلاء. فاستقام دخول (لا) وتعين ، وتبين أن سبب الاضطراب التباس الإنكار بإقامة الأعذار. انتهى.
وفي نفي السبب ، وهو الإشعار ، مبالغة في نفي المسبب ، وهو الشعور.
قال الخفاجيّ : وفي نفي المسبب بهذا الطريق مبالغة ليست في نفيها بدونها ، لأن في الكناية إثبات الشيء ببينة. وفيه تعريض بأن الله عالم بعدم إيمانهم ، على