البجلي (١) قال : كنا جلوسا عند النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، إذ نظر إلى القمر ليلة البدر وقال : إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ، لا تضامّون في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تغلبوا عن صلاة قبل طلوع الشمس ، وقبل غروبها ، فافعلوا ثم قرأ : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ).
قال ابن كثير : تواترت الأخبار عن أبي سعيد وأبي هريرة وأنس وجرير وصهيب وبلال وغير واحد من الصحابة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : أن المؤمنين يرون الله في الدار الآخرة في العرصات وفي روضات الجنات. انتهى.
قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) : وأدلة السمع طافحة بوقوع ذلك في الآخرة لأهل الإيمان دون غيرهم ، ومنع ذلك في الدنيا. إلا أنه اختلف في نبينا صلىاللهعليهوسلم. انتهى.
قال ابن كثير : كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تثبت الرؤيا في الدار الآخرة ، وتنفيها في الدنيا ، وتحتج بهذه الآية. انتهى.
فعن مسروق (٢) قال : قلت لعائشة رضي الله عنها : يا أمتاه! هل رأى محمد صلىاللهعليهوسلم ربه ، فقالت : لقد قفّ شعري مما قلت! أين أنت من ثلاث من حدثكهنّ فقد كذب : من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب. ثم قرأت : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ). (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) [الشورى : ٥١]. ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب. ثم قرأت : (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً) [لقمان : ٣٤] ومن حدثك أنه كتم فقد كذب ثم قرأت : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ...) [المائدة : ٦٧]. ولكنه رأى جبريل في صورته مرتين ـ أخرجه الشيخان والترمذيّ ـ.
وخالفها ابن عباس. فعنه إطلاق الرؤية ، وعنه أنه رآه بفؤاده. والمسألة تذكر مبسوطة في أول سورة النجم إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) أخرجه البخاري في : التوحيد ، ٢٤ ـ باب قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) ، حديث رقم ٣٥٨.
وأخرجه مسلم في : التوحيد ومواضع الصلاة ، حديث ٢١١.
(٢) أخرجه البخاريّ في : التفسير ، ٥٣ ـ سورة النجم ، باب حدثنا يحيى بن وكيع ، حديث ١٥٨٢.
وأخرجه مسلم في : الإيمان ، حديث ٢٨٧.
وأخرجه الترمذي بأطول من هذا السياق في : التفسير ، ٦ ـ سورة الأنعام ، ٥ ـ حدثنا أحمد بن منيع.