فكأنه قد رضيه. وقيل : من تولاهم على تكذيب رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وقيل : المراد أنه منهم في وجوب عداوته والبراءة منه. قال الحاكم : ودلالة الآية مجملة. فهي لا تدل على أنه كافر إلا أن يحمل على الموافقة في الدين.
(الحكم الخامس) ـ ذكره الحاكم ، أنه لا يجوز الاستعانة بهم. قلنا : ذكر الراضي بالله : أنه صلىاللهعليهوسلم قد حالف اليهود على حرب قريش وغيرهما إلى أن نقضوه يوم الأحزاب ، وجدد صلىاللهعليهوسلم الحلف بينه وبين خزاعة. حتى كان ذلك سبب الفتح. وكانت خزاعة عيبة نصح رسول الله صلىاللهعليهوسلم. مسلمهم وكافرهم. قال الراضي بالله : وهو ظاهر قول آبائنا عليهمالسلام. وقد استعان عليّ عليهالسلام بقتلة عثمان ، واستعان صلىاللهعليهوسلم بالمنافقين. قال الراضي بالله : ويجوز الاستعانة بالفسّاق على حرب المبطلين ، فتكون هذه الاستعانة غير موالاة.
التنبيه الثالث ـ في التفسير المتقدم ما نصه : وفي الآية الكريمة زواجر عن مولاة اليهود والنصارى من وجوه : (الأول) ـ النهي بقوله : (لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ). وسائر الكفار لا حق بهم. (الثاني) ـ قوله تعالى : (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ). والمعنى : أن الموالاة من بعضهم لبعض لاتحادهم بالكفر ، والمؤمنون أعلى منهم. (الثالث) ـ قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ). وهذا تغليظ وتشديد ومبالغة. مثل قوله صلىاللهعليهوسلم : لا تراءى ناراهما. ومثل قوله عليهالسلام (١) : لا تستضيئوا بنار المشركين. (الرابع) ـ ما أخبر الله به أنه لا يهديهم. (الخامس) ـ وصفهم بالظلم ، والمراد : الذين ظلموا أنفسهم بموالاة الكفار. (السادس) ـ أنه تعالى أخبر أنّ الموالاة لهم من ديدن الذين في قلوبهم مرض ، أي : شكّ ونفاق. (السابع) ـ ما أخبر الله تعالى به من علة الموالين ، وأنّ ذلك خشية الدوائر. لا أنّه بإذن من الله ولا من رسوله. (الثامن) ـ قطع الله لما زينه لهم الشيطان من خشية رجوع دولة الكفر فقال تعالى : (فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ). و (عسى) في حق الله تعالى لواجب الحصول بالفتح لمكة أو لبلاد الشرك ـ (التاسع) ـ ما بشر الله تعالى به من إهانتهم بقوله : (أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ). قيل : إذلال
__________________
(١) أخرجه النسائيّ في : الزينة ، ٥١ ـ باب قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم «لا تنقشوا على خواتيمكم عربيا» ونصه : عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «لا تستضيئوا بنار المشركين ولا تنقشوا على خواتيمكم عربيا».
وأخرجه الإمام أحمد في المسند ٣ / ٩٩.