يَحْزُنْكَ
الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) إلى قوله ـ (يَقُولُونَ إِنْ
أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ). أي يقولون : ائتوا محمدا. فإن أفتاكم بالتحميم والجلد
فخذوه. وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا. قال الحافظ ابن كثير : انفرد بإخراجه مسلم دون البخاري. أبو داود والنسائي وابن ماجة . وكذا روى أبو بكر الحميدي في (مسنده) نحوه في سبب
نزولها عن جابر. وأبو داود أيضا ، عن ابن عمر.
(وَمَنْ يُرِدِ اللهُ
فِتْنَتَهُ) أي : ضلالته (فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ
مِنَ اللهِ شَيْئاً) أي : في دفع ضلالته (أُولئِكَ الَّذِينَ
لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) أي : من دنس الفتنة ووضر الكفر لانهماكهم فيهما.
وإصرارهم عليهما ، وإعراضهم عن صرف اختيارهم إلى تحصيل الهداية (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) أي : فضيحة وهتك ستر ، بظهور نفاقهم بالنسبة للمنافقين.
وذل وجزية وافتضاح ، بظهور كذبهم في كتمان نص التوراة بالنسبة لليهود. (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) وهو النار.
القول في تأويل قوله تعالى :
(سَمَّاعُونَ
لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ
أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ
حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)(٤٢)
(سَمَّاعُونَ
لِلْكَذِبِ) أي بالباطل. خبر لمحذوف. وكرر تأكيدا لما قبله وتمهيدا
لقوله (أَكَّالُونَ
لِلسُّحْتِ) أي : الحرام. وهو الرشوة كما قال ابن مسعود.
قال الزمخشري :
السحت كل ما لا يحل كسبه. وهو من (سحته) إذا استأصله. لأنه مسحوت البركة. كما قال
تعالى : (يَمْحَقُ اللهُ
الرِّبا) [البقرة : ٢٧٦]. والربا باب منه. وقرئ (السحت) بالتخفيف والتثقيل ، و (السحت)
بفتح السين على لفظ المصدر من (سحته) ، و (السحت) بفتحتين ، و (السحت) بكسر السين
، وكانوا يأخذون الرشا على الأحكام وتحليل الحرام. انتهى.
وفي (اللباب) :
السحت كله حرام تحمل عليه شدة الشره. وهو يرجع إلى الحرام الخسيس الذي لا تكون له
بركة ولا لآخذه مروءة ويكون في حصوله عار
__________________