قال القدوري : المسألة بخلقه لا تجوز. لأنه لا حق للخلق على الخالق. فلا تجوز وفاقا.
وهذا الذي قاله أبو حنيفة وأصحابه ـ من أن الله لا يسأل بمخلوق ـ له معنيان : أحدهما هو موافق لسائر الأئمة الذين يمنعون أن يقسم أحد بالمخلوق ، فإنه إذا منع أن يقسم على مخلوق بمخلوق ، فلأن يمنع أن يقسم على الخالق بمخلوق ، أولى وأحرى. وهذا بخلاف إقسامه سبحانه بمخلوقاته (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) [الليل : ١ ـ ٢] ، (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) [الشمس : ١]. (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً) [النازعات : ١] ، (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) [الصافات : ١] ـ فإن إقسامه بمخلوقاته يتضمن من ذكر آياته الدالة على قدرته وحكمته ووحدانيته ، ما يحسن معه إقسامه. بخلاف المخلوق ، فإن إقسامه بالمخلوقات شرك بخالقها. كما في (السنن) عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال (١) : «من حلف بغير الله فقد أشرك». وقد صححه الترمذي وغيره. وفي لفظ : فقد كفر. وقد صححه الحاكم. وقد ثبت عنه في (الصحيحين) (٢) أنه قال : من كان حالفا فليحلف بالله. وقال : لا تحلفوا بآبائكم. فإن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم. وفي (الصحيحين) عنه أنه قال (٣) : من حلف باللات والعزّى فليقل : لا إله إلّا الله. وقد اتفق المسلمون على أنه من حلف بالمخلوقات المحترمة ، أو بما يعتقد هو حرمته ـ كالعرش والكرسي والكعبة والمسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد النبي صلىاللهعليهوسلم والملائكة والصالحين والملوك وسيوف المجاهدين وترب الأنبياء والصالحين وسراويل الفتوّة وغير ذلك ... ـ لا ينعقد يمينه ، ولا كفارة في الحنث بذلك.
__________________
(١) أخرجه الترمذي في : النذور ، ٩ ـ حدثنا قتيبة ، ونصه : عن ابن عمر سمع رجلا يقول : لا ، والكعبة! فقال ابن عمر : لا يحلف بغير الله. فإني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك».
(٢) أخرجه البخاري في : مناقب الأنصار ، ٢٦ ـ باب أيام الجاهلية ، حديث ١٢٩٨ ونصه : عن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال «ألا من كان حالفا ، فلا يحلف إلا بالله» وكانت قريش تحلف بآبائها ، فقال «لا تحلفوا بآبائكم».
وأخرجه مسلم في : الإيمان ، حديث ٣ و ٤.
(٣) أخرجه البخاري في : الأيمان والنذور ، ٥ ـ باب لا يحلف باللات والعزّى ولا بالطواغيت ، حديث ٢٠٥٢ ونصه : عن أبي هريرة رضي الله عنه : عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال «من حلف فقال في حلفه : باللات والعزّى ، فليقل : لا إله إلا الله ومن قال لصاحبه : تعال أقامرك ، فليتصدق».
وأخرجه مسلم في : الإيمان ، حديث ٥.