أو الصقر منه فلا يجوز أكله ، وعقر الجارح للصيد إذا تحقق لا يجيز الأكل منه ، ولو مات الصيد في أفواه الكلاب لا يؤكل منه ، لأنه مات خنقا ، فإذا عاد الكلب أو الصقر بالصيد حيا ذبحه الصائد وأفرى حلقه. وإن مات الصيد من صدمة الكلب لم يأكل. ويغنى عن الذبح أن يكون الصيد بالرصاص وهو يتكفّل بالإذكاء ، وما يحل من الصيد هو اللحم دون الفرث والدم. والكلاب لا تقتل فى الإسلام ، وأخصّها كلاب الصيد والرعى والحراسة. وفى الآية دليل على أن العالم له من الفضيلة ما ليس للجاهل ، لأن الكلب والصقر إذا علّما يكون لهما ميزة على سائر الكلاب والطيور ، ويرتفع ثمنهما ، وفى تعليمهما دليل إمكان تعليم الإنسان مهما كان غباؤه ، وتعليمه أولى من تعليم الحيوان والطير. والتسمية عند الإرسال على الصيد ، فيها أن فقه الصيد والذبح فى معنى التسمية واحد ، وأما الأمر بالتقوى فى الآية ففي كل ما سبق ، وفيما تضمنته الآية من الأوامر. وتدل الآية على جواز بيع الكلب ، والانتفاع به بسائر وجوه الانتفاع ، إلا ما خصّه الدليل. ومن العرب المشهورين باقتناء كلاب الصيد : عدىّ ، وكانت له خمسة كلاب سمّاها بأسماء أعلام : سهلب ، وغلاب ، والمخيلس ، والمتناعس ، ووثّاب.
والمكلّبون فى الآية هم أصحاب الكلاب ومعلموهم. ولا يحرم الأكل من صيد الكلب الأسود ، فالحديث : «الكلب الأسود شيطان» لا يعنى تحريم صيده ، وكل كلب يجوز الأكل من صيده طالما علّم مهما كان لونه ، طالما أنه يأتمر إذا أمر ، وينزجر إذا زجر ، فإذا تعلم الكلب بذلك فهو المعلّم. وتدل الآية على جواز اتخاذ الكلاب واقتنائها لحراسة الماشية والأملاك كالبيوت والزرع ، والأحاديث كثيرة فى ذلك ، وأما الكلاب المنهى عنها فهى التي تستخدم لترويع المسلمين ، أو التي دأبها التشويش على الناس وتلويث البيئة سمعيا بنباحها. وفى قوله تعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ) (١٨) (الكهف) دليل آخر على أن الكلاب يباح اقتناؤها وتربيتها لحراسة الأفراد. ومن أشهر الكلاب فى القرآن كلب سورة الكهف ، ويستخلص من السورة أن طاقة الكلب الواحد لحراسة الأفراد تكون من ثلاثة إلى سبعة. والكلب عموما نجس عينه وسؤره وعرقه ، وجميع ما خرج منه ، وإذا تنجّس إناء أو غيره بنجاسة من كلب أو متولد منه ، وجب غسله سبع مرات بالماء والصابون ، سواء كان ذلك بولوغ الكلب فى الإناء ، أو تبوله ، عليه أو لغير ذلك من الأسباب المسببة للنجاسة ، وروى أنه يغسل ثمانية ، فإذا لم يوجد الصابون يكون الغسل فى هذه المرات بالتراب ـ وهو مطهر أشدّ من الصابون ، ولذا كان التيمم به. وحكم نجاسة سائر أجزاء الكلب كشعره ، وجلده ، ويده ، ورجله ، حكم ولوغه وبوله. والنجس : هو الذى يحتاج إلى تطهيره ، فلا يؤكل باليد التى مسحت على شعر كلب ، وإنما ينبغى غسلها ولا تقبّل