بهم أبىّ بن كعب ، ولم يكن النبىّ صلىاللهعليهوسلم قد جمعهم لذلك ، فلما رآهم يصلون ناحية المسجد ، قال : ما هذا؟ فقيل : ناس يصلّى بهم أبىّ بن كعب ، فقال : «أصابوا ونعم ما صنعوا» ، ولكنه امتنع عن مشاركتهم مخافة أن يقال أنها فرضت عليهم. واستمر الناس فى كل رمضان حتى خلافة عمر يصلّون جماعات ، كل جماعة وحدها ، فجمعهم عمر على أبىّ بن كعب ، فقام بهم فى رمضان ، فكان ذلك أول اجتماع الناس على قارئ واحد فى رمضان ، واستنّ عمر ذلك عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، وسميت هذه الصلوات بالتراويح. وقراءة أبىّ للناس ، تعنى أنه كان يؤمّهم عملا بقوله صلىاللهعليهوسلم : «يؤمّهم أقرؤهم لكتاب الله» ، وكان أبى يصلّى بالرجال ، وتميم الداري يصلّى بالنساء ، وقيل : سليمان بن أبى حثمة. ولمّا شاهد عمر الناس يصلّون كما أمر ، سرّ لذلك ، وقال : نعم البدعة هذه! والبدعة أصلها ما أحدث على غير مثال سابق ، وتطلق فى الشرع فى مقابل السنّة فتكون مذمومة ، وأما البدعة المستحسنة فهى التى توافق الشرع.
* * *
٢٠١٨ ـ عدد ركعات التراويح
روى أن الناس فى عهد عمر كانوا يصلون التراويح إحدى عشرة ركعة ، وكانوا يقرءون بالمائتين ، ويقومون على العصى من طول القيام. وقيل : كانوا يصلون ثلاث عشرة ؛ وقيل : إحدى وعشرين ، أو عشرين غير الوتر ، والوتر ثلاث ركعات ، فيصير المجموع ثلاث وعشرين ، وهذا الاختلاف بحسب التطويل فى القراءة وتخفيفها ، فحينما تطول القراءة تقل الركعات وبالعكس. وفى عهد عمر بن عبد العزيز صلّى الناس ستا وثلاثين ركعة فى المدينة ، وأوتروا بثلاث ركعات ، وفى مكة صلوا ثلاثا وعشرين ركعة ، يطيلون القيام ويقلّون السجود ، أو يكثرون السجود ويخفّون القراءة ، وأكثر ما قيل أنها كانت تصلّى إحدى وأربعين ركعة بالوتر ، وقيل : أربعين ركعة والوتر سبع ركعات ، وقيل : ثمان وثلاثين بانضمام ثلاث للوتر ، أو ثمان وثلاثين والوتر ركعة ، فتصير تسعا وثلاثين ، أو أنها تسع وثلاثون يوترون منها بثلاث ، وقد يصلّون أربعا وثلاثين والوتر ركعة ، وقيل : ست عشرة غير الوتر ، وأحسن ما قيل : كانت التراويح فى زمن عمر ثلاث عشرة ، وهذا هو الأثبت ، وعن ابن عباس : أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم صلّى فى رمضان عشرين ركعة والوتر ، وأصدق قول هو قول عائشة : أنه كان لا يزيد فى رمضان ولا فى غيره على إحدى عشرة ركعة ، يصلى أربعا ، ثم أربعا ، ثم ثلاثا ، بخلاف الوتر.
* * *