بالخيرات ، وقيامهم فيه أو إليه فى القبلة ، وهى عرفا ما يصلّى نحوها من الأرض أينما كانت إلى السماء مما يحاذى الكعبة. و «أهل القبلة» هم أهل مكة ، والكعبة قبلتهم ، ثم قبلة أهل الحرم ، والحرم قبلة العالم كله أو الآفاق ، توسعة على الناس ، وفى الاصطلاح يقال المغرب قبلة أهل المشرق ، وبالعكس ، والجنوب قبلة لأهل الشمال وبالعكس. وقوله تعالى : (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) (يونس ٨٧) ، القبلة هى المساجد ، فاجعلوها كالمساجد ووجهوا الصلاة فيها إلى القبلة ، وذلك إذا أخافهم الحاكم الظالم أو المحتلّ لبلادهم ، فأذن لهم أن يصلوا فى البيوت ما داموا فيها سيكونون على أمن ، وفى الحديث : «جعلت لى الأرض مسجدا وطهورا» أى ليس البيوت فقط يمكن الصلاة فيها بدلا من المساجد ، وإنما الأرض كلها مسجد للمسلمين ، فحيثما أدركتم الصلاة صلّوا ، وصلاة النافلة فى البيوت أفضل منها فى المساجد ، ولما أتى النبىّ صلىاللهعليهوسلم مسجد بنى الأشهل صلى فيه المغرب ، فلما قضوا الصلاة رآهم يصلون بعدها ، فقال لهم : «هذه صلاة البيوت». وسواء كانت الصلاة فى المسجد أو البيت أو الخلاء فالتوجّه للقبلة اجتهادا.
* * *
١٩٤٥ ـ المسجد الحرام قبلة ترضى النبىّ صلىاللهعليهوسلم
القبلة التى يرضاها النبىّ صلىاللهعليهوسلم فى الآية : (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) (١٤٤) (البقرة) هى الكعبة ، وهى المسجد الحرام ؛ والشطر هو الناحية ، يعنى أن ما يرضيه صلىاللهعليهوسلم هو أن يولّى وجهه ناحية المسجد الحرام ، وقد ولّاه الله تعالى ذلك وأمر المسلمين به حيثما كانوا ، فهم يتوجهون كلّ حسب موقع بلاده ، فموقع أهل المدينة بالنسبة للمسجد الحرام يجعل قبلتهم إلى المشرق ، وقبلة هؤلاء بخلاف قبلة أهل المغرب العربى مثلا ، وبخلاف قبلة أهل تركستان وكازاخستان ومسلمى الصين والهند إلخ. وفى الحديث : «البيت كله قبلة لأهل المسجد ، والمسجد قبلة لأهل الحرم ، والحرم قبلة لأهل الأرض فى مشارقها ومغاربها من أمّتى». وقوله تعالى : (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) (١٤٢) (البقرة) لأن المسجد الحرام بالنسبة إلى بعض الناس يكون فى اتجاه المشرق ، ولبعضهم فى اتجاه المغرب بحسب مواقع بلادهم. ولا خلاف أن الكعبة قبلة فى كل أفق ، ويفرض على من يشاهدها ويعاينها أن يستقبلها ، ومن يغب عنها فعليه أن يستقبل ناحيتها وشطرها وتلقاءها وجهتها. واستخلص من ذلك مالك : أن المصلّى حكمه أن ينظر أمامه ـ شطر ـ لا إلى موضع سجوده.
* * *