١٩١٤ ـ خطبة الجمعة
أقل ما يجزى فى الخطبة الأولى أن يحمد الخطيب لله ، ويصلّى على نبيّه صلىاللهعليهوسلم ، ويوصى بتقوى الله ، ويقرأ آية من القرآن ، ثم فى الخطبة الثانية بدلا من آية القرآن فى الأولى يكون الدعاء فى الثانية. ولمّا خطب «عثمان» أول مرة ارتج عليه فقال : إن أبا بكر وعمر كانا يعدّان لهذا المقام مقالا ، وإنكم إلى إمام فعّال أحوج منكم إلى إمام قوّال ، وستأتيكم الخطب. ثم نزل فصلى.
وكان صدر خطبة النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ به من شرور أنفسنا. من يهد الله فلا مضلّ له ، ومن يضلل فلا هادى له ، ونشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدىّ الساعة. من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غوى. نسأل الله ربّنا أن يجعلنا ممن يطيعه ويطيع رسوله ، ويتّبع رضوانه ، ويجتنب سخطه ، فإنما نحن به وله».
ومن أقواله فى خطبة الجمعة : «كل ما هو آت قريب ، ولا بعد لما هو آت ، لا يعجل الله لعجلة أحد ، ولا يخفّ لأمر الناس. ما شاء الله لا ما شاء الناس. يريد الله أمرا ويريد الناس أمرا. ما شاء الله كان ولو كره الناس. ولا مبعد لمّا قرّب الله ، ولا مقرّب لما بعّد الله. لا يكون شىء إلا بإذن الله جلّ وعزّ».
ومن أقواله : «أيها الناس ، إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم. وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم. إن العبد المؤمن بين مخافتين : بين أجل قد مضى لا يدرى ما الله قاض فيه ، وبين أجل قد بقى لا يدرى ما الله صانع فيه. فليأخذ العبد من نفسه لنفسه ، ومن دنياه لآخرته ، ومن الشبيبة قبل الكبر ، ومن الحياة قبل الممات. والذى نفسى بيده ما بعد الموت من مستعتب ، وما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار. أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم».
ومن خطبته يوم الجمعة قال : «يا أيها الناس ، توبوا إلى الله من قبل أن تموتوا ، وبادروا بالأعمال الصالحة من قبل أن تشغلوا ، وصلوا الذى بينكم وبين ربّكم بكثرة ذكركم له ، وكثرة الصدقة فى السرّ والعلانية ، ترزقوا وتنصروا وتؤجروا. واعلموا أن الله قد فرض عليكم الجمعة فى مقامى هذا ، فى شهرى هذا ، فى عامى هذا ، إلى يوم القيامة ، فمن تركها فى حياتى أو بعد مماتى وله إمام عادل أو جائر ، استخفافا بها أو جحودا لها ، فلا جمع الله شمله ، ولا بارك له فى أمره. ألا ولا صلاة له ، ولا زكاة له ، ولا حجّ له. ألا ولا صوم له ، ولا برّ له ، حتى يتوب ، فمن تاب تاب الله عليه ، ألا لا تؤمّنّ امرأة رجلا ، ولا يؤم أعرابىّ مهاجرا ، ولا يؤمّ فاجر مؤمنا ، إلّا أن يقهره سلطان يخاف سيفه أو سوطه». أخرجه ابن ماجة.
* * *