٩ ـ وفى قوله تعالى : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٤٤) : قيل : نزلت فى يهود المدينة كانوا يقولون للعرب من جيرانهم عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم : اثبتوا على الذى أنتم عليه وما يأمركم به محمد ، فإن أمره حق ، ولا يفعلون هم ذلك. وكان أحبارهم يحضّون على طاعة الله وكانوا هم يواقعون المعاصى ، ويحضّون على الصدقة ويبخلون ، فنزلت الآية فيهم ، تطالبهم بحقائق المعانى. والآية عامة فى كل الناس.
١٠ ـ وفى قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٦٢) : قيل : إن سلمان سأل النبىّ صلىاللهعليهوسلم عن أهل دين كان معهم ، وذكر لهم من صلاتهم وعبادتهم ، فنزلت الآية. وقيل : لما قصّ سلمان قصة أصحابه ، قال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هم فى النار» ، قال سلمان : فأظلمت الدنيا فى وجهى ، فنزلت الآية فكأنما كشف عنى جبل. وقيل : نزلت هذه الآية فى أصحاب سلمان خصيصا.
١١ ـ وفى قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (٦٥) : قيل : نزلت فى أصحاب السبت ، نهاهم ربّهم أن يعملوا فى يوم السبت ، فاحتال أهل قرية على البحر أن يصيدوا يوم السبت ، فعاقبهم الله لعدوانهم على السبت واستحلوا الصيد فيه ، فمسخوا قردة ، أى سقطوا أدبيا عند الله ، ولم تعد لهم منزلة ، وصاروا مقلّدين لا فاعلين ، يعنى ألغيت عقولهم ، فكانوا نكالا لمن يعمل بعدهم مثل ذلك الذنب.
١٢ ـ وفى قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) (٦٧) : قيل : نزلت فى قوم موسى لمّا وجدوا قتيلا بين أظهرهم ، واشتبه أمر قاتله عليهم ، ووقع بينهم خلاف ، فأمرهم بذبح بقرة ، فسألوه أن يبيّن ما هى ، ثم إنهم ضربوا الميت ببعض عظم البقرة ، فأحياه الله ، وأخبر عن قاتله ثم مات. والقصة دليل على أن شرع من قبلنا شرع لنا ، وعلى الأخذ بالقسامة ، بقسم المقتول أن دمه عند فلان ، وباللّوث وهى الإمارة تغلب على الظن بصدق مدعى القتل ، كشهادة الواحد على رؤية القتل.
١٣ ـ وفى قوله تعالى : (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٧٥) : قيل : نزلت فى اليهود ، والخطاب لأصحاب النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، وكان للأنصار حرص على إسلام اليهود ، بسبب ما بينهما من تحالف وجوار.