منهجها فى التعبّد والله تعالى قد خلقنا جميعا لنعبده حسن العبادة ، وخلق الذكر والأنثى ليعملا الصالح ، ولا يضيع الله عمل عامل منهما ، وقال : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) (النحل ٩٧) ، وقال : (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) (غافر ٤٠) ، فلم يفرق بين ذكر وأنثى ، ومطالب الإيمان واحدة عند الاثنين ، وما من امرأة تتقى ربّها ويمكن أن تغضب زوجها ، كما أنه ما من رجل يتّقى ربّه ويمكن أن يستغضب زوجته ، والتقوى انسجام وتناغم بين العبد والربّ ، وبين العبد والناس ، وبين العبد والوجود المادى ، والكون بأجمعه. وقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إلّا بإذنه» يعنى إلا بعلمه ، والزوج العالم يعلّم زوجته فرائضها ونوافلها ، وفى حديث الواهبة لنفسها ، زوّجها الرسول صلىاللهعليهوسلم لمن يعلّمها القرآن ، وكان صداقها أن تحفظ عليه ما كان يحفظ من السّور وأوصى الرسول صلىاللهعليهوسلم بالنساء خيرا ، وقال : «خيركم خيركم لأهله». ومن أين يأتى الخير إذا فهمنا من حديث استئذان الزوجة من زوجها فى صيام التطوع أنه يمكن أن يرفض؟! والحق أن الأمر فى هذا الاستئذان تحصيل حاصل ، وهو مجرّد إعلام ، ولها من زوجها على الصيام كامل الموافقة والاستحسان.
وأما الاستئذان من الزوج لمن يمكن أن تدعوه المرأة إلى بيتها فذلك واجب على الطرفين ، ويرفع الشبهة ، ويزيل سوء الفهم ، وبه يكبر الرجل فى عينىّ زوجته ، وتزيد مكانة المرأة عند زوجها. وبيت المسلم هو بيت زوجته كذلك ، وينسب البيت إلى الزوجة أو الزوج بحسب مقتضى الكلام وإلا فالبيت بيتهما معا ، والله تعالى يقول : (وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها) (يوسف ٢٣) ، يقصد بيت امرأة العزيز ، وكان يوسف فى بيتها بإذن زوجها ، وفى سورة النور الآية ٦ يقول (بُيُوتِ آبائِكُمْ) ، و (بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ) ، و (بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ) ، و (بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ) ، و (بُيُوتِ خالاتِكُمْ) ، فنسب البيت إلى صاحبه ذكرا أو أنثى. وفى سورة الأحزاب فى الآية ٣٣ قال تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) فنسب البيوت إلى النساء. وفى سورة الطلاق الآية ١ يقول الله تعالى : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَ) ، فالبيوت كما هى للأزواج فهى للزوجات ، وإذا كان على الزوجين أن يستأذنا بعضهما كلما دعيا من يزورهما فى البيت ، فمن باب أولى أن المغيّبات ـ أى من غاب عنها زوجها ـ ليس لها أن تدخل بيتها أحدا تعرف أنه يكره دخوله ، وليس للزوج أن يستبقى مع زوجته فى غيابه من لا ترضى ، وقد تفتقر المغيبة إلى استئذان زوجها وتكون مضطرة أن تسمح بإدخال من تدخل فى حدود علمها برضا الزوج به ، ولو علمت برضاه سلفا فلا حرج عليها. وذلك واجب الزوج أيضا حيال زوجته. وللزوجة أن تدخل أباها ونحوه بيتها بغير إذن زوجها لأن