١٦٤٢ ـ هل صحيح أنّ من أزواجنا وأولادنا أعداء لنا؟
الآية : (إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) (التغابن ١٤) ذهبت مثلا ، والناس يرددونها كلما عصت امرأة رجلها أو آذته ، أو كلما تمرّد ابن على أبيه وأساء إليه ، والآية لا ينصرف معناها إلى هذا الذى فى بال الناس ، وحقيقة معناها أن بعضنا ـ النساء والرجال ـ قد تشغلنا محبتنا لأزواجنا وأولادنا عن الله ، كما فى قوله تعالى : (لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) (المنافقون ٩) ، أى لا ينبغى أن نشغل بالأولاد والأموال عمّا يجلب علينا رضا الله ، بحسن العبادة ، وبصالح الأعمال ، ولذا قال الله تعالى «فاحذروهم» ، والمعنى احذروهم على دينكم ، والتحذير للأزواج من الزوجات كالتحذير للزوجات من الأزواج ، فالمرأة والرجل كلاهما لا ينبغى أن يلتهى بعياله وزوجته عن تقوى الله فى كل أمر وشأن. وقد ورد فى مناسبة هذه الآية وعمن تقصدهم ، عن ابن عباس قال : (إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ) ، فهؤلاء رجال أسلموا من مكة ، فأرادوا أن يأتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم ، فلما أتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم رأوا الناس قد فقهوا فى الدين ، فهمّوا أن يعاقبوا أزواجهم وأولادهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٤) (التغابن ١٤) تكملة للآية السابقة ، تحثّ على العفو والصفح عن الأزواج والأولاد إذا جاءهم منهم الضرر ، والمسلم مع أهل بيته عفوّ دائما ، يغفر ويستغفر لهم ، ورحيم يرحمهم ويسترحم الله لهم ، وشفوق عطوف ، وصفوح يصفح الصفح الجميل. والحذر منهم فى الآية جاء تبريره فى الآية بعدها : (إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) (التغابن ١٥) : أنهم اختبار وابتلاء من الله تعالى لخلقه. وروى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه كان يخطب فجاء الحسن والحسين حفيداه ، عليهما قميصان أحمران ، يمشيان ويعثران ، فنزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم من المنبر فحملهما ، فوضعهما بين يديه ، ثم قال : صدق الله ورسوله : «إنما أموالكم وأولادكم فتنة! نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران ، فلم أصبر حتى قطعت حديثى ورفعتهما» رواه أحمد وأهل السنن ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الولد ثمرة القلوب ، وإنهم مجبنة مبخلة محزنة» أخرجه البزّار ، والمعنى أن الأولاد هم حبّات قلوبنا ، ومن أجلهم قد يجبن الوالدان عن مدافعة الباطل ، وقد يبخلان ادخارا للمال لهم ، وعند المرض أو الموت هم مصدر لهفة وحزن وحسرة. وفى الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، عن أبى مالك الأشعرى ، قال : «... أعدى عدوّك الذى خرج من صلبك» ، يخصّ به الولد الذى يشغلنا عن ذكر الله وتقواه ، أو الولد العاصى كابن نوح فى الآية : (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) (هود ٤٦) ، أو الولد العاق فى