الحديث عن النساء أنهن خلقن من ضلع أعوج ، فلم يرد فى القرآن أن حواء خلقت من آدم ، وإلا لكان الله تعالى قارن خلق المسيح بخلق حواء ولما قارنه بخلق آدم ، كقوله تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ) (آل عمران ٥٩) ، فكان الأولى أن يقول : إن مثل عيسى عند الله كمثل حواء ، فحواء جاءت من آدم ، والمسيح جاء من مريم! والذى جاء فى القرآن قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها) (الأعراف ١٨٩) ، يعنى أنه فى البدء خلق آدم ، ثم خلق حواء ، وقوله : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ) (الذاريات ٤٩) يعنى أن كل المخلوقات من نباتات وحيوانات وإنسان أبدعها الله تعالى أزواجا ، فهذا قضاء الله وقدره منذ البداية : (إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) (الحجرات ١٣) ، فلما خلق الله آدم جعل خلقه لحواء على نفس المنوال ، ثم كان خلقه للموجودات كلها أزواجا على نفس المنوال : السماء والأرض ، والليل والنهار ، والشمس والقمر ، والبرّ والبحر ، والضياء والظلام ، والإيمان والكفر ، والموت والحياة ، والشقاء والسعادة ، والجنة والنار ، فهذا منهج الله وفعله فى الوجود ، ولم يأت أبدا أن حواء كان خلقها من ضلع لآدم ، وإنما جاء قوله : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) (فاطر ١١) ، وقوله : (مِنْ طِينٍ) (الأنعام ٢) ، وقوله : (مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) (٣٣) (الحجر) ، وهذه مراتب وما كان من الممكن أن يترك القرآن خبرا كهذا ـ خلق حواء من ضلع آدم ـ من غير أن يورده! والغواية وقصة آدم وحواء من قصص التوراة ولا وجود لها فى القرآن ، ومن يستحضرها فهو متأثر بالغزو الدينى اليهودى. وحتى اسم حواء لا وجود له فى القرآن وهو اسم من التوراة. فيا أخى المسلم ويا أختى المسلمة احذرا ، فإلى هذا الحدّ كان الغزو الدينى اليهودى متغلغلا فى كتب تفسير القرآن عند المسلمين! ولاحظا الفروق بين وضع المرأة المتردّى فى التوراة ، بل ووضع الرجل أيضا ، وبين وضعهما الراقى والمتسامى فى القرآن. والدأب فى القرآن أن الرجل والمرأة كلاهما على سواء ، وعن عائشة ، عن الرسول صلىاللهعليهوسلم قال : «إنما النساء شقائق الرجال» ، ومعنى شقائق أنهن نظراؤهم وأمثالهم ، فلا تمايز ولا تباين إلا ما قد فرضه عليهن فى الخلقة ، واستتبعه ما كان لهن من الجبلّة ، فتشابهت المنازع ، وتخالفت الدوافع ، وإلّا فلا سيادة ولا إمارة للرجال ، إلا بقدر تفاضل البعض ، وبما عليهم من فروض وواجبات.
* * *
١٦٢٢ ـ معنى الحديث عن المرأة «فدارها تعش بها»؟
فى الحديث عن سمرة بن رافع عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم قال : «خلقت المرأة من ضلع ، فإن تقمها تكسرها ، فدارها تعش بها» أخرجه ابن حبان والحاكم والطبرانى فى الأوسط. ومعنى المداراة المجاملة والملاينة ، فالحديث إذن يعظ بمعاملة المرأة بالحسنى ، وليس من ذلك