١٦٢٠ ـ هل النساء ناقصات عقل ودين؟
يقول مسلم فى صحيحه عن أبى هريرة ، عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «يا معشر النساء تصدّقن وأكثرن الاستغفار ، فإنى رأيتكن أكثر أهل النار» ، فقالت امرأة منهن جزلة ـ أى ذات رأى : وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ قال : «تكثرن اللعن ، وتكفرن العشير ، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذى لب منكن». قالت : يا رسول الله! ما نقصان العقل والدين؟ قال : «أمّا نقصان عقلها فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل ، فهذا نقصان العقل ؛ وتمكث الليالى لا تصلّى ، وتفطر فى رمضان ، فهذا نقصان الدين». وفى رواية البخارى عن أبى سعيد الخدرىّ أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم قال : «يا معشر النساء تصدّقن فإنى رأيتكن أكثر أهل النار» ، فقلن : وبم يا رسول الله؟ قال : «تكثرن اللعن وتكفرن العشير! ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرجل الحازم من إحداكن». قلن : وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال : «أليس شهادة المرأة نصف شهادة الرجل؟» ، قلن : بلى : قال : «فذلك من نقصان عقلها! أليس إذا حاضت لم تصلّ ولم تصم؟» قلن : بلى ، قال : فذلك من نقصان دينها».
ومعنى الحديث لا ينصرف إلى ما ينصرف إليه ذهن البعض من تقليل شأن المرأة فى الإسلام ، فقوله صلىاللهعليهوسلم : «تكثرن اللعن» فذلك من شأن بذيئة اللسان وحدها ، وبذاءة اللسان تستوي عند الرجال والنساء ؛ وقوله : «تكفرن العشير :» معناه تجحدن نعمة الزوج وتستقللن ما كان منه ، وذلك دأب بعض النساء دون الغالبية ، وكذلك هو دأب بعض الرجال دون الغالبية ؛ واللّب فى الحديث : هو العقل ، واللبيب هو الرجل الحازم الضابط لأمره. وليست المرأة على عمومها ناقصة عقل ودين ، والإسلام والقرآن قد ضربا المثل بملكة سبأ ، وكانت أرجح عقلا من قومها من الرجال بخاصة ، وكانت الأكثر منهم حنكة وكياسة فى أمور السياسة والدين ، ومقالتها : (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً) (النمل ٣٤) جعلها القرآن من الحكم المأثورة ، وبها أوتيت ملكة سبأ جوامع الكلم ، وأتمّ الله تعالى الآية بالتأمين على حكمتها فقال : (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) (٣٥) (النمل) ، أى أن ما قالته عن الملوك هو الصحيح. وبلقيس أو ملكة سبأ فكّرت ودبّرت وانتهت إلى الرأى : فما كان أعقلها فيما ذهبت إليه ، وقد تحصّل لها العلم بأن الهدية تقع موقعا حسنا من الناس ، فسليمان إن قبل الهدية فهو ملك فتنصح بقتاله ، وهم أولو قوة وبأس وسيهزمونه حتما ، وإن لم يقبلها فهو نبىّ حقا وعليهم أن يتّبعوه! فهل رأى الإسلام فى ملكة سبأ أنها ناقصة العقل فيما استنّته لقومها من التريث وإعمال الذهن وتجربة الحيلة ، وفى طلبها المشورة حين قالت : (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ