١٦١٥ ـ تبرّج النساء لم ينفرد الإسلام بالنّهى عنه؟
يرد التبرّج فى القرآن مرتين فى قوله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) (الأحزاب ٣٣) ، وقوله : (الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَ) (النور ٦٠). وفى التبرّج قال المفسرون : إن المرأة كانت تخرج تمشى بين يدىّ الرجال فذلك هو تبرّج الجاهلية ؛ وقيل : كانت للنساء فى الجاهلية مشية وتكسّر وتغنّج فنهى الله تعالى عن ذلك فى الإسلام. وقيل : التبرّج للمرأة هو أن تلقى الخمار على رأسها ولكنها لا تشدّه ليوارى قلائدها وقرطها وعنقها ، فيبدو ذلك كله منها ، فذلك هو التبرّج ، ثم إن الآية عمّت نساء المؤمنين فى التبرّج. والتبرّج على ذلك لا يليق بالمؤمنة التى تخشى الله ، لأنه من المفاسد فى الأرض ، ودليل فحش فى المرأة التى تفعله ، وأطباء النفس يطلقون على ذلك اسم الاستعراضيةexhibitionism : وهى أن تظهر المرأة مفاتنها لتغوى الرجال ، وإلّا فلأى غرض تتبرج إن لم يكن للفتنة؟! والقواعد من النساء ـ فى الآية ـ هن اللاتى انقطع حيضهن ، وكبرن فى السن ، ولم يعدن محل مطمع من الرجال ، ولم تعد لديهن رغبة فيهم ، واضمحلّ جمالهن فلم يعدن يملن إلى الاستعراض ، فهؤلاء لهن أن ينكشفن على الرجال ، وإنما فى غير تبرّح بزينة ، لأن التبرج منهن مستهجن ممجوج. وعن أم الضياء أنها قالت : دخلت على عائشة فقلت : يا أم المؤمنين! ما تقولين فى : الخضاب ، والنفاض ، والصباغ ، والقرطين ، والخلخال ، وخاتم الذهب ، وثياب الرقاق؟ فقالت : يا معشر النساء! قصتكن كلها واحدة! أحلّ الله لكنّ الزينة غير متبرّجات» ، أى لا يحلّ لكنّ أن يرى منكن محرّم. والخضاب والنفاض والصباغ كلها من تلوين الثياب والشعر واليدين والقدمين للزينة. والزينة فى حدّ ذاتها غير محرّمة ، والله تعالى زيّن السماء للناظرين وقال : (مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ) (٣٢) (الأعراف) ، إلا أنه قال أيضا : (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (٧) (الكهف) ، وحذّر من زينة الشهوات (آل عمران ١٤) ، وزينة المال والبنين (الكهف ٤٦) ، وزينة الحياة الدنيا عموما (الحديد ٢٠) ، وحبّب لنا الإيمان وجعله زينة القلوب (الحجرات ٧) ، والتقوى زينة الرجال ، والعفة زينة النساء. والمرأة لها أن تتزين لنفسها ، والمطلوب أن لا تبدى زينتها إلا لخاصة أهلها ولزوجها (النور ٣١) ، والمعقول أن لا تبدى من الزينة إلا ما ظهر منها (النور ٣١) وأن لا تنبّه إلى زينتها ليرى ذلك منها (النور ٣١) ، فإن فعلت ذلك فهو التبرّج المقيت!
والنهى عن التبرّج فى النصرانية كما هو فى الإسلام ، ولا أدرى لم التحامل إذن على