رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنهن كن يخرجن إلى المساجد ، وإلى الغائط ، ويحججن ،
ويطفن ، فى عهد النبىّ صلىاللهعليهوسلم وبعده. وأيّما امرأة خرجت فى طلب العلم ، أو للعمل ، أو
لزيارة تصل بها أرحامها ، أو تتودد بها لجاراتها وزميلاتها ، فذلك مشروع لها ولا
حرمانية فيه ، والحاكم فى ذلك كله أمن الفتنة ، وليس لزوجها أن يمنعها ، والساعية
إلى العلم أو العمل كالساعية إلى المسجد ، وفى الصحيح عن سالم عن أبيه عن النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «إذا استأذنت المرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها» ،
وطلب العلم عبادة ، والعمل عبادة.
* * *
١٦٠٩ ـ ما معنى
الحديث : «خير للنساء أن لا يرين الرجال»؟
ينسب الحديث : «خير
للنساء أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال» للسيدة فاطمة بنت الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وأورده الحسن الطبرسى فى «مكارم الأخلاق» ، ولم ترد
صحته مسندا ، ومع ذلك ليس فيه ما يشير إلى حكم شرعى يحرّم على المرأة رؤية الرجال
وأن لا يراها الرجال ، وإنما هو تحذير من عواقب الاختلاط وما يستتبعه من فساد فى
الأخلاق ، وإثارة للنوازع والغرائز ، والشاعر يقول :
نظرة
فابتسامة فسلام
|
|
فكلام فموعد
فلقاء!
|
وفى الحديث
يقول صلىاللهعليهوسلم : «النظرة الأولى لك والثانية عليك» ، ويقول : «النظر
سهم من سهام إبليس» ، والوجودية من الفلسفات العصرية ولها كلام كثير فى «النظرة» ،
فيه خير وحكمة ، والنظرة المشروعة مطلوبة ، ومن النظر ما يكون انتهابا ، وكان
تولستوى فى فلسفته يستهجن النظرة الخلسة إلى النساء ، ويقول إنها مخاتلة ومسالبة.
وفاطمة بنت الرسول صلىاللهعليهوسلم كانت ترى الرجال ويراها الرجال ، ولم تقصد إلى تحريم
الرؤية وإنما يتوجه تحذيرها إلى ما يتولد عنها ، وتنشد أن تتسم العلاقة بين
الجنسين بالطهارة الروحية ، وحديثها تقصد به إلى الكناية ، وأن يغضّ الرجال
والنساء من أبصارهم كقوله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ
يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) (٣٠) (النور) ، وقوله : (وَقُلْ
لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَ) (٣١) (النور).
والنظر إلى
المرأة عند الخطبة مأذون به ، وعن جابر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا خطب أحدكم المرأة ، فإن استطاع أن ينظر منها
إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل». وقال جابر : فخطبت امرأة من بنى سلمة ، فكنت
أختبئ لها حتى رأيت منها بعض ما دعانى إليها. رواه أبو داود. وفى قوله : «كنت
أختبئ لها» ، فيه أن اختلاس النظر بنيّة الزواج وفى غفلة من المرأة ، أمر مشروع.
وكان الأعمش يقول : كل تزويج يقع على غير نظر فآخره همّ وغمّ». والنظر هنا هو
النظر الصريح وليس الخلسة ، فالمهم فى النظر النيّة ، والناس بنياتّهم ، وطالما أن
النظر بنيّة الزواج فهو مشروع ، ولم ينه الإسلام أبدا عن أن ينظر الجنسان إلى
بعضهما البعض. كتقدمة للزواج.
* * *