وفلسطين ، وأفغانستان ، وإيران ، والعراق ، وليبيا ، والسودان ، أو على شعب مسلم كشعب فلسطين ، بلادهم بلاد حرب ، وطريقة القتال معهم أساسها «الضرب فى المليان» حتى الإثخان ، وضرب الرقاب : خصّ به الرقاب بالذكر ، لأن القتل أكثر ما يكون بالرقاب ، وفى الآية لم يقل اقتلوا العدو ، لأن فى عبارة «ضرب الرقاب» تغليظا وشدة ليسا فى لفظ القتل ، وتصويرا للقتل بأشنع صورة ، وهو حزّ العنق وإطارة العضو الذى هو رأس البدن ؛ والإثخان : هو الإكثار من القتل ؛ وشدّ الوثاق : هو الأسر وربط الأسير بالأغلال فلا يفر ؛ فإذا وضعت الحرب أوزارها ، كان للهيئة الحاكمة التى لها سلطة القرار السياسى أن تختار بين الفدية : وهى إطلاق الأسير لقاء فائدة تعود على المسلمين ، كأن تكون تبادل الأسرى ، أو إعادة الممتلكات والأموال ، أو الجلاء عن الأرض إلخ ؛ وبين المن : وهو إطلاق الأسير دون مقابل ، لأنه من الجرحى أو المعوقين ، أو الزمنى ، أو المرضى ، أو المدنيين الذى لا يحسنون القتال ، وبين العفو عن فئة المستضعفين الذين لا يخشى أن يحملوا السلاح وينبذوا إلى القتال لو عادت جماعتهم لقتال المسلمين.
* * *
١٥٤٥ ـ الحرب مقدّرة بقدرها
الحرب فى النظرية الإسلامية ضرورة ، كتبها الله على المؤمنين وهو يعلم أنهم يكرهونها : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) (٢١٦) (البقرة) ، ولذلك فقد جعلها مقدّرة بقدرها فقال : (فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ) (١٩١) (البقرة) ، وقال : (إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٩) (الممتحنة) ، وقال : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا) (١٩٠) (البقرة) ، فقصر القتال على المقاتلين ، وأما من تجنّب الحرب فلا يحلّ قتالهم ولا قتلهم ، ولا التعرّض لهم بأى سوء ، ولذلك حرّم الإسلام قتل النساء ، والأطفال ، والمرضى ، والشيوخ ، والرهبان ، والأجراء ، طالما لم يحاربوا ، وحرّم المثلة : وهى أن يمثّل بالقتلى أو بالأحياء ، وحرّم قتل الحيوانات ، واقتلاع الزروع ، وحرث الأرض ، وحرق المحاصيل ، وتلويث الآبار ، وهدم البيوت ، مما يفعله اليهود فى فلسطين ، والأمريكان فى أفغانستان ، وحرّم الإجهاز على الجرحى. وكان الرسول صلىاللهعليهوسلم يوصى جنود الإسلام أن يتّقوا الله ، ويقول لهم : «اغزوا باسم الله فى سبيل الله. قاتلوا من كفر بالله. اغزوا ولا تغلوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثّلوا ، ولا تقتلوا وليدا» ، ومرّ فى إحدى الغزوات فعثر على امرأة مقتولة فاستنكر ذلك وقال : «ما كانت هذه لتقاتل» ، ثم نظر إلى وجوه أصحابه واختار أحدهم وقال له : «الحق بخالد بن