بَعْضٍ) (٦٧) (التوبة). وقيل الفرق بين المنافق الذى يمكن أن يتسمّى منافقا وبين : (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أن الأخيرين عهدهم حديث بالنفاق ، وخبرتهم فيه بسيطة ، وفيهم ضعف نيّة. وأما المنافقون فهم الذين يوصفون فى القرآن بأنهم فاسقون (التوبة ٦٧) ، وكاذبون (المنافقون ١). وفى القرآن المقصود بهم عبد الله بن أبىّ وأصحابه ، وأمثالهم.
* * *
١٤٢٨ ـ النفاق والمنافقون
ثلاث فرق كانت معادية للرسول صلىاللهعليهوسلم وللإسلام ، الأولى : مشركو مكة ، والثانية يهود المدينة ، والثالثة المنافقون ، وتناولت النفاق والمنافقين اثنتا عشرة سورة من القرآن ، وكانت سورتا «المنافقون» ، و «التوبة» أكثرها خوضا فى موضوع النفاق ، وصفات المنافقين ، ومن كان منهم يعادى النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، وما هم عليه من أخلاق وصفات ، أظهرها الكذب والخداع ، وأن يقولوا ما لا يفعلون ، وما لا تعتقده قلوبهم. ولمّا فضحتهما السورتان قيل فيهما إنهما السورتان الفاضحتان ، فقد نبهتا إلى تخاذل المنافقين وتعلّلهم بالعلل السقيمة ؛ وتآمرهم على المسلمين ، وصدّهم عن الإسلام ، وتوهينهم للروح المعنوية للمجاهدين. والمنافق لا أمان له ولا إيمان ولا عهد ، ويقول بلسانه ما يرضى ظاهره ، وهو المنتقض للدين والمستخف به بباطنه ، أو المعرّض له ظاهرا ، وأمثالهم حاليا فى مصر كتبة الروايات المشهورة الأربع التى أصدرتها قصور الثقافة وكلها سبّ فى الدين ، وسرد للفحش ، وتوصيف للعهر ، ومن يتولهم فهو منهم ، وآية النفاق فيهم أن : (الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٦٧) (التوبة) ، أى هم متشابهون فى الشرّ ، ولا يؤدّون الحق ، ويتركون ما أمر الله ، ويحلفون أنهم مؤمنون وهم ليسوا على الإيمان ، والأمر معهم كما قال تعالى : (جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) (٧٣) (التوبة) ، ومجاهدتهم لسانا بلسان ، وإن اشتد زجرهم فليشتد زجر المؤمنين لهم ، وليغلظوا لهم القول. وفى أيامنا لا أقل من مقاطعة أمثالهم وعزلهم ، والعبوس فى وجوههم ، وإقامة الحجّة عليهم باللسان ، مع ملاحظة أن العاصى ليس منافقا ، وإنما المنافق بما يكون فى قلبه من النفاق كامنا ، لا بما تتلبس به الجوارح ظاهرا. وما أيسر على المنافق أن يتبرأ مما يقول ، أو يسحبه ، أو يؤوّله ، وما أكثر ما يلجأ الى التآمر ، ولقد تآمر المنافقون على قتله صلىاللهعليهوسلم ليلة العقبة فى غزوة تبوك ، وكانوا اثنى عشر رجلا ، وصفهم القرآن فقال : (وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ) (٧٤) (التوبة) ، أى أغنى المؤمنين. والمنافق به شحّ يتعلل بأنه لا مال له ، ويتعهد