لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ) (١٨٧) (البقرة) فالزوجان متكاملان ، وكلاهما ناقص حتى يكمله شريكه. والأمر ليس كذلك فى اليهودية ، فالرجل يشترى المرأة بالمهر ، ومهر الزوجة ليس لها وإنما لأبيها (الخروج ٢٢ / ١٧) ، والمرأة الحائض والمستحاضة نجس لا يقربها زوجها ولا الناس (الأحبار ١٥ / ١٩). وفى الإسلام المهر عطية للمرأة كقوله تعالى : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) (٤) (النساء) ، وهو هبة ورمز للمحبة ، ويأتى فى عقد الزواج تعبير «الزواج «على مهر» لا «بمهر» ، لأن الباء تعطى معنى العوضية ، والمهر ليس عوضا وإنما شرط ضمن العقد ، وفى الحديث : «شؤم المرأة غلاء مهرها». ولو كانت الأوضاع المادية هى التى تحدد الزواج فى الإسلام كما فى اليهودية ، لما كان قوله تعالى : (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) (٢٢١) (البقرة) ، وقوله : (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) (٢٢١) (البقرة). وعن النبىّ صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تنكحوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن ، ولا تنكحوهن على أموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن ، وانكحوهن على الدين ، فلأمة سوداء جرداء ذات دين أفضل». والنساء فى المحيض لا يقربن حتى يطهرن ولكنهن لسن بنجس ، وكان النبىّ صلىاللهعليهوسلم يؤاكل عائشة ويشاربها ويشاركها الضجاع ويقبّلها وهى حائض ، وكان يصنع كل شىء معها وهى حائض إلا النكاح ، وكانت تغسل رأسه وهى حائض ، ويتّكئ فى حجرها ويقرأ القرآن. وفى النصرانية المرأة كالأمة عليها الخضوع (بولس رسالته الأولى إلى أهل كورنتس ١٤ / ٢٤). وفارق بين الطاعة والخضوع ، فالطاعة للزوج فى غير معصية ، وهى علاقة حميمة بين ندّين أو توأمين ، ولكن الخضوع علاقة متدنية بين سيد ومسود ، وفى رسالة بولس إلى أهل أفسس يأتى : «لتخضع النساء لرجالهن كما للربّ» (٥ / ٢٢) ، ويأتى أيضا بأن المرأة جسد وعلى الرجل أن يحبها كجسده ـ ولا يقول بولس كروحه (٥ / ٢٨). وكلها تعاليم فجّة وشتّان بينها وبين ما يدعو إليه الإسلام ، وفيه حكمة وتسام وعلم وحضارة.
* * *
١٤٢٣ ـ الرّشد والرشاد والراشدون
يقال رشد : أى اهتدى واستقام ، كقوله تعالى : (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (١٨٦) (البقرة) ، والرّشد : هو الهدى والاستقامة ، كقوله تعالى : (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ) (البقرة) ، فالغىّ نقيض الرّشد ، والغىّ هو الضلال ، كقوله تعالى : (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً) (الأعراف). ويقال سبيل الرشد ، وسبيل الرشاد أيضا ، كقوله تعالى : (اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ) (٣٨) (غافر). والرشد