الأوقات التى من عادة الناس الانكشاف فيها وملازمة التعرّى. وقوله تعالى : «وإذا
بلغ الأطفال منكم الحلم» كقوله : (وَلَمَّا بَلَغَ
أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) (١٤) (القصص) ، وكقوله : (وَابْتَلُوا
الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً
فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) (٦) (النساء) ؛ والأشدّ : تعنى القوة فى البدن ، وفى المعرفة والخبرة ؛
وبلوغ النكاح : يعنى أن يكون الولد أو البنت قادرين على الزواج وإنجاب مثلهما.
وقيل إن حدّ البلوغ لمن لم يحتلم هو خمس عشرة سنة ، وإنما تجب الأحكام والفرائض
بحدّ البلوغ ، وفى هذه السن يكون الإقبال على التعلّم أقوى ما يمكن فى المراهق ،
ويظهر حبّه للعلم والحكمة ، ويكون أرشد فى إنفاق المال ، فيمكن أن يعهد إليه بماله
إن كان ذا مال.
* * *
١٤١٢ ـ التصنيف
الحركى للكائنات
فى الآية : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ
ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى
رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ
اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٤٥) (النور) : تنبيه إلى تنوع الحركة فى الدواب ، وتصنيفها بحسب حركتها
ثلاثة أصناف رئيسية ، وهو نوع من التصنيف جديد فى بابه ولم نعهده فى العلوم ، وخصّ
الدواب بهذا التصنيف ، وهى كل ما دبّ على وجه الأرض من الحيوان ، ويشمل ذلك من
يعقل وما لا يعقل ، ولمّا كان الإنسان هو الغالب على انتباه الناس دون سائر
المخلوقات ، لشرفه وعلوّه فى سلّم الأنواع والأجناس ، غلب استعمال «من» وهى للعاقل
، ولم يستعمل «ما» وهى لغير العاقل ، وقصر الحركة فى الآية على ما خلق من ماء ، أى
من أمنية الذكور ، فلم يتعرض لحركة الأجرام والضوء والطاقة ، واقتصر على الحيوان ،
والنبات ، والحشرات ، والطيور ، دون الفيروسات والميكروبات ، وجعل خلق الماء سابقا
على خلق الحيوان ، كقوله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنَ
الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) (٣٠) (الأنبياء) فلو لا الماء ما كانت الحياة ، والحياة نقيض الممات ،
والحيوان من الحياة ، وآية حياته «الحركة» ، ومن تعريفاته أنه الكائن الحىّ الذى
يتحرك ، والحركة هى دبيب الحياة ، ومن الحيوان ما يمشى على بطنه ، مثل الحيّات
والثعابين والأفاعى ، ورغم أنها لا أرجل لها ولا أقدام ، إلا أنها سريعة الحركة
والتنقّل ، بما لها من عضلات بطنية وضلوع كثيرة تمتد من كل فقرات الجسم ، فكأنها
الأرجل الباطنة تندفع بها إلى الأمام والخلف ، واليمين واليسار ، وتحت وفوق ؛
ومنها ما يمشى على رجلين ، وأقومها جميعا الإنسان ، وبسبب ذلك كان تميّزه بارتفاع
القامة ؛ وأما بقية الحيوانات فأغلبها يمشى على أربع ، ومنها الطيور إلا أن
الرجلين الأماميين تحوّرتا إلى جناحين ، كما أنه فى الأسماك تحوّرت الأرجل