من يشيخ ويكبر حتى الهرم والخرف. والإعجاز البلاغى فى هذه الآيات نوع آخر من الإعجاز بالإضافة إلى الإعجاز العلمى ، فقد اختصرت وأوجزت الحياة بكاملها من البداية حتى النهاية فى بضع عبارات كانت قمة فى التعبير والوفاء بالمعنى فى جمال واتساق.
* * *
١٤١٠ ـ الإعجاز العلمى فى آية البنان
البنان عند العرب هى الأصابع ، واحدتها البنانة ، والإشارة فى الآية : (بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) (٤) (القيامة) إلى بصمات الأصابع ، والآية القرآنية لم يكتشف الإعجاز فيها إلا العالم الباحث فى السمات «فرنسيس جالتون» ، واستخدم البصمات فى تحقيق الشخصية ، بعد أن ثبت بغير منازع أنه لا يوجد اثنان يتشابهان فى هذه البصمات ، وأتم عمله ووافق عليه إدوارد هنرى من اسكتلنديارد. ويتوقف تحقيق الشخصية عن طريق البصمات على تميّز كل عقلة من الأصابع بالجلد الذى يغطى خلايا الأصابع ، وبالمسام التى لهذا الجلد. وتختلف أشكال البصمات فى كل إنسان عن غيره ، حتى عند التوائم ، ولا يوجد مطلقا شخصان متشابهان. ولنا أن نتساءل : أليست الآية دليلا على أن القرآن من عند الله تعالى؟ لأنه لو كان من عند محمد فمن علّمه هذا العلم المتقدّم جدا ، إن لم يكن موحى به إليه من الله ليبلّغه إلى الناس؟!
* * *
١٤١١ ـ البلوغ
البلوغ : هو الإدراك ، والبالغ : هو المدرك ، ويقال : غلام بالغ ، وجارية بالغ وبالغة. وفى الآية : (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا) (٥٩) (النور) ، أن بلوغ الطفل الحلم يعنى أن يبلغ مبلغ الرجال ، والفعل حلم حلما ، واحتلم ، ومن مظاهر هذا البلوغ : أن يخط شارب الولد ، ويخشوشن صوته ، ويكبر ثديا البنت ويمتلئ حوضها ، ويظهر شعر العانة عند الأولاد والبنات ، وبلوغ الذكور يسبق بلوغ الإناث بنحو السنتين ، وتختلف سن البلوغ بحسب البلاد والمجتمعات ، وباختلاف الظروف الاجتماعية والصحية والبنيوية والنفسية لكل ولد وبنت ، ولا يعنى ظهور الصفات الجنسية الثانوية السابقة تمام البلوغ وإنما هى إرهاصات به ، فإذا حاضت البنت وانتظمت دورة الحيض عندها فى أول كل شهر حيضى ، ونزل المنى من الولد بالاحتلام أو بغيره ، فإن ذلك يعنى النضج ، وبذلك يعامل الطفل كفرد مسئول ، وتراعى تربيته والتعامل معه على هذا الأساس. وفترة بلوغ البنت تقع بين الحادية عشرة والثالثة عشرة ، وفترة بلوغ الولد بين التاسعة والحادية عشرة ، وقيل إن السيدة عائشة بلغت فى التاسعة عند ما تزوجت الرسول صلىاللهعليهوسلم ، ومعنى البلوغ : أن الطفل صار يدرك ، فيتوجّب عليه أن يستأذن على أهله وعلى غيرهم ، كلّما عنّ له أن يدخل عليهم ، فى