(٤)) (الشمس) ، وقوله تعالى : (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً) (٥٤) (الأعراف) ، ومعنى «يغشى» يغطّى ، فالنهار يغطيه الليل بالظلمة بالتدريج ، فيحلّ الليل ، ثم يغطّى نور النهار ظلمة الليل بالتدريج فيحلّ النهار ، وهذا دليل على كروية الأرض ودورانها حول محورها أمام الشمس دورة كاملة فى كل يوم مدته ٢٤ ساعة ، يتقاسمها الليل والنهار بتفاوت قليل ، وفى تعاقب تدريجى ينطق بطلاقة قدرة الله ، ولو لم تكن الأرض كروية ما استطاعت الدوران حول محورها أمام الشمس ، وما تبادل الليل والنهار ، فسبحان الله الذى أطلعنا على ذلك فى كتابه ، ثم أمكن أهل العلم من اكتشافه ، لتثبت صحة كتابه ، وأنه الكتاب المنزّل على محمد صلىاللهعليهوسلم من لدن عليم خبير قدير ، منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة ، فلم يختلف ما فيه من حقائق عمّا أثبته العلم منها.
* * *
١٣٨٧ ـ معجزة تنبيه القرآن إلى أن الأرض تنقص من أطرافها
«سورة الرعد» من السور التى تحفل بالظواهر الكونية ، وهى الوحيدة التى تحمل اسم ظاهرة جوية : الرعد ، ومن آياتها قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) (٤١) (الرعد) ، وإنقاص الأرض من أطرافها ظاهرة فريدة وعجيبة ينبّه إليها القرآن ، ويتكرر ذكر القرآن لها فى الآية : (أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) (٤٤) (الأنبياء) ، ولم يكن التنبّه إلى هذه الظاهرة إلا مؤخرا ، ويأتى ذكرها فى القرآن كدليل مادى على أن الله تعالى هو الغالب ، وأن من يكفرون به مهما طالت أعمارهم فإنهم فى النهاية إلى الموت ثم البعث ، ونقص أعمارهم دليل مادى على صدقه فى قوله تعالى إن الأرض تنقض فى أطرافها ، ومن ثم فى عمرها ، فالكون كله محكوم بأمره تعالى ، والقيامة على ذلك حق ، فما معنى أن تنقص الأرض من أطرافها؟ يقول أهل العلم : إن الأرض تنكمش على نفسها باستمرار ، ويتناقص من ثمّ حجمها ، وثبت أنها كانت فى بداية الخلق مائة ضعف حجمها الحالى على الأقل ، ثم تكونت منها «الأرض الابتدائية» التى تمايزت إلى «سبع أرضين» ، هى : لبّ الأرض الصلب من الحديد والنيكل وغير ذلك من العناصر ، ويبلغ قطره حاليا ٢٤٠٢ كيلومتر ؛ ونطاق اللّب من العناصر المنصهرة السائلة ، ويقدّر سمكه بحوالى ٢٢٧٥ كيلومتر ؛ وبين اللّب ونطاق اللب منطقة شبه منصهرة يبلغ سمكها ٤٥٠ كيلومتر ؛ ثم «وشاح الأرض» ، وهو ثلاثة أجزاء : الجزء السفلى : وهو صلب ، ويحيط بلب الأرض السائل ، وسمكه نحو ٢٢١٥ كيلومتر ؛ والجزء الأوسط : وهو صلب ، ويبلغ سمكه ٢٧٠ كيلومتر ، ثم الجزء الأعلى : وهو لدن شبه منصهر ، ويسمى