١٣٦٨ ـ (وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ)٧ الذاريات
هذا الوصف للسماء يأتى فى القرآن مرة واحدة ، وكلمة الحبك لم تتكرر فيه ، وأكثر استخدامنا لها فى اللغة بمعنى الثبات ، ونقول ثوب محبوك أى لابس على صاحبه فلا زيادات فيه ، والخياط حبك الثواب أى فصّله على الجسم حسنا ، والقصّاص حبك القصة أى أجادها وأحكمها. وقيل فى السماء ذات الحبك : أنها أحسنت صنعتها ، وأحكمت أطرافها ، واحتبكت ما فيها ، أى احتوته واستوعبته ، وفى الحديث أن عائشة كانت تحتبك تحت الدرع فى الصلاة ، أى تشدّ الإزار وتحكمه ، وعلى ذلك فالسماء ذات الحبك هى المشدودة الأطراف على نفسها. والحباك هو الطريقة فى الرمل إذا أصابته الريح فيكون جعدا ، وجمع الحباك حبك ، وجمع الحبيكة حبائك ، وقرئ والسماء ذات الحبك ، والحبك. وقيل ذات الحبك : المراد ذات الزينة ، أو ذات النجوم ، أو ذات الطرائق. والطّرق هى المجرات التى فى السماء ، سميت بذلك لأنها كأثر الجرّ ، وقد أقسم بها لأنها قد خلقت على هيئة عظيمة ، والعلم أثبت لها هذه العظمة ، فهذه السماء مصنوعة بشكل محكم دقيق ، والجزء الذى ندركه منها ونستطيع أن نتحدث عنه يتكون من مائتى بليون مجرة على الأقل! وما خفى كان أعظم! وتختلف أشكال مجراتها وأحجامها وكتلتها وسرعتها ، ومنها مجرات عملاقة يصل طول قطرها ٠٠٠ ، ٧٥٠ سنة ضوئية ، وتتجمع فى مجموعات محلية ، ثم فى مجموعات مجرية أكبر ، ثم فى مجموعات أعظم وأضخم ، «والتجمّع الأعظم» الذى تنتسب إليه مجرتنا به مائة من التجمعات المجرية على هيئة قرص ، قطره نحو مائة مليون سنة ضوئية ، وتشكل هذه التجمعات ما يسمى «الحائط الأعظم» ، وتحيط بمركز الانفجار العظيم نطق ، منها «نطاق الانفجار العظيم» أو «نطاق كرة النار» ، وقطره حوالى بليون سنة ضوئية ، و «نطاق السحب البيضاء» حول الانفجار العظيم ، وسمكه نحو بليونى سنة ضوئية ، ونطاق سحابى آخر سمكه نحو الثلاثة بلايين من السنين الضوئية ، «ونطاق أشباه النجوم السحيقة» وسمكه نحو خمسة بلايين سنة ضوئية ، «ونطاق أشباه النجوم القديمة» ، وسمكه حوالى سبعة بلايين سنة ضوئية ، و «نطاق المجرات» وسمكه نحو أربعة بلايين سنة ضوئية ، وبذلك يبلغ قطر هذا الجزء المدرك من السماء نحو ٢٣ بليون سنة ضوئية! فكأن مجرّتنا ـ مجرة درب اللبّانة ـ وسط هذه المتاهة من السماء التى ندركها لا تعتبر شيئا مذكورا ، وكأنها ذرة وسط هذا الاتساع الهائل والمجرات العظمى ، ومع ذلك فإنها تضم نحو تريليون نجم تتباين أعمارها! ومنها «الشمس» ، وما يسمى «العماليق الحمر» ، «والعماليق الكبار» ، و «النجوم الزرقاء» ، «والأقزام البيض» ، و «النجوم النيوترونية» ، و «النجوم الخانسة» التى هى «الثقوب