ومن أساسيات نظامه وتماسك بنائه. والحق أن الكون طالما يتمدّد ويتّسع باستمرار نتيجة تباعد المجرات عنا ، وعن بعضها البعض ، فإن المادة والطاقة يتولدان باستمرار لملء هذا الاتساع ، فمع تواجد المكان يتواجد الزمان ، وإذا تواجد المكان والزمان تخلّقت المادة والطاقة. وتنفى المادة الموجودة فى الكون إمكان أن توجد به فراغات ، وليس صحيحا أن أجرام السماء تسبح فى فراغ تام ، وأثبتت الدراسات الحديثة أن المسافة بين النجوم وتجمعاتها تنتشر فيها الأشعة الكونية والجسيمات الأولية والدخان الكونى وما يحمله من هباءات الرمال ، بالإضافة إلى ما يعرف بالمادة الداكنة ، وتتركب من جسيمات ثقيلة تمثل نوعا من الخيوط الكونية التى تربط بين الأجرام ، وتحمل الأوامر الكونية كما تحملها لبنات الشفرة الوراثية فى أجساد الكائنات الحية. وعلى ذلك فلا وجود لفراغات مدّعاة فى الكون ، ولا لفروج فى السماء ، وسبحان من قال ممتنّا على عباده : (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) (٣) (الملك) ، يعنى أنها لا فوت فيها فيقع الخلل بسببه ، ولا فطور بها ، أى فروق ، فيحدث التشقق والتصدّع ، وسبحان من أنزل القرآن بهذه الحقائق منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة وكان الناس فى جهل شديد ، ولم تتضمن التوراة والأناجيل شيئا من ذلك.
* * *
١٣٦٦ ـ (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ)١٣ الجاثية
تسخير السموات فى عهد النبىّ صلىاللهعليهوسلم لم يكن شيئا ، ولا يوجد مثل هذا التعبير فى الأناجيل ولا فى التوراة ؛ والتسخير : تكليف بالعمل فى خدمة هدف بدون أجر ، والمقصود بتسخير السموات هو استخدامات الفضاء كما فى صناعات الطيران ومركبات الفضاء ، والبث عبر الأقمار الاصطناعية ، ومن فوائد هذا التسخير ثورة المعلومات ، وسهولة انتقالها ، والتجسس بواسطة الأقمار الاصطناعية فى الحروب ، والتنبؤ بالأحوال الجوية ، وفوائدها للزراعة والمواصلات البحرية والجوية ، واستخدامات الإنترنت فى الطب والصناعة والتجارة والتعليم والدعاية ، واستخدامات الطاقة الشمسية فى الزراعة وتنقية المياه والتدفئة ، ولو لا العلم الحديث ما عرفنا معنى التسخير ، فالعلم الحديث كاشف لمعانى القرآن وإعجاز آياته ، وما كان لمحمد أن يحيط علما بهذا التسخير منذ ألف وأربعمائة سنة ، وذلك دليل على صدق القرآن ، وأنه من لدن عليم خبير ، وعلى صدق النبىّ صلىاللهعليهوسلم وأنه من رسل الله تعالى.
* * *